البحث الثالث : ما يتعلق بالأحكام ، والنظر فيه يتعلق بأطراف :
الطرف الأول : في
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12214_10534موجب اللعان وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه إذا رمى الرجل امرأته بالزنا يجب عليه الحد إن كانت محصنة ، والتعزير إن لم تكن محصنة ، كما في رمي الأجنبية لا يختلف موجبهما غير أنهما يختلفان في المخلص ، ففي
nindex.php?page=treesubj&link=10532_10531قذف الأجنبي لا يسقط الحد عن القاذف إلا بإقرار المقذوف ، أو ببينة تقوم على زناها ، وفي قذف الزوجة يسقط عنه الحد بأحد هذين الأمرين أو باللعان ، وإنما اعتبر الشرع اللعان في هذه الصورة دون الأجنبيات لوجهين :
الأول : أنه لا معرة عليه في زنا الأجنبية ، والأولى له ستره ، أما إذا زنى بزوجته فيلحقه العار والنسب الفاسد ، فلا يمكنه الصبر عليه وتوقيفه على البينة كالمعتذر ، فلا جرم خص الشرع هذه الصورة باللعان .
الثاني : أن الغالب في المتعارف من أحوال الرجل مع امرأته أنه لا يقصدها بالقذف إلا عن حقيقة ، فإذا رماها فنفس الرمي يشهد بكونه صادقا ، إلا أن شهادة الحال ليست بكاملة فضم إليها ما يقويها من الأيمان ، كشهادة المرأة لما ضعفت قويت بزيادة العدد والشاهد الواحد يتقوى باليمين على قول كثير من الفقهاء .
المسألة الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي كان حد قاذف الأجنبيات والزوجات الجلد ، والدليل عليه
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013376قول النبي صلى الله عليه وسلم لهلال بن أمية حين قذف امرأته بشريك بن سحماء " ائتني بأربعة يشهدون لك ، وإلا فحد في ظهرك " فثبت بهذا أن
nindex.php?page=treesubj&link=10481_10484_12194حد قاذف الزوجات كان كحد قاذف الأجنبيات إلا أنه نسخ عن الأزواج الجلد باللعان ، وروى نحو ذلك في الرجل الذي قال أرأيتم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فإن تكلم جلدتموه ، وإن قتل قتلتموه ، وإن سكت سكت على غيظ . فدلت هذه الأخبار على أن حد قاذف الزوجة كان الجلد وأن الله نسخه باللعان .
المسألة الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله إذا قذف الزوج زوجته فالواجب هو الحد ولكن المخلص منه باللعان ، كما أن الواجب بقذف الأجنبية الحد والمخلص منه بالشهود ، فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12344_33471_10465نكل الزوج عن اللعان يلزمه الحد للقذف ، فإذا لاعن ونكلت عن اللعان يلزمها حد الزنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة -رحمه الله- إذا نكل الزوج عن اللعان حبس حتى يلاعن ، وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=12347_33471_12194_10465المرأة إذا نكلت حبست حتى لا تلاعن ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجوه :
أحدها : أن الله تعالى قال في أول السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ) يعني غير الزوجات (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) ثم عطف عليه حكم الأزواج فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم ) الآية فكما أن مقتضى قذف الأجنبيات الإتيان بالشهود أو الجلد فكذا موجب قذف الزوجات الإتيان باللعان أو الحد .
وثانيها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله ) والألف واللام الداخلان على العذاب لا يفيدان العموم لأنه لم يجب عليها جميع أنواع العذاب فوجب صرفهما إلى
[ ص: 146 ] المعهود السابق والمعهود السابق هو الحد ; لأنه تعالى ذكر في أول السورة (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) والمراد منه الحد ، وإذا ثبت أن المراد من العذاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب ) هو الحد ، ثبت أنها لو لم تلاعن لحدت ، وأنها باللعان دفعت الحد ، فإن قيل المراد من العذاب هو الحبس . قلنا قد بينا أن الألف واللام للمعهود المذكور ، وأقرب المذكورات في هذه السورة العذاب بمعنى الحد ، وأيضا فلو حملناه على الحد لا تصير الآية مجملة . أما لو حملناه على الحبس تصير الآية مجملة لأن مقدار الحبس غير معلوم .
وثالثها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رحمه الله- ومما يدل على بطلان الحبس في حق المرأة أنها تقول إن كان الرجل صادقا فحدوني ، وإن كان كاذبا فخلوني فما بالي والحبس وليس حبسي في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا الإجماع ولا القياس .
ورابعها : أن الزوج قذفها ، ولم يأت بالمخرج من شهادة غيره أو شهادة نفسه ، فوجب عليه الحد لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ) وإذا ثبت ذلك في حق الرجل ثبت في حق المرأة ; لأنه لا قائل بالفرق .
وخامسها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013377قوله عليه السلام لخولة : " فالرجم أهون عليك من غضب الله " وهو نص في الباب ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ، أما في حق المرأة فلأنها ما فعلت سوى أنها تركت اللعان ، وهذا الترك ليس بينة على الزنا ولا إقرارا منها به ، فوجب أن لا يجوز رجمها ، لقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013378لا يحل دم امرئ " الحديث . وإذا لم يجب الرجم إذا كانت محصنة لم يجب الجلد في غير المحصن لأنه لا قائل بالفرق ، وأيضا فالنكول ليس بصريح في الإقرار فلم يجز إثبات الحد به كاللفظ المحتمل للزنا ولغيره .
المسألة الرابعة : قال الجمهور
nindex.php?page=treesubj&link=10468_12214_12194_12189_33338إذا قال لها يا زانية وجب اللعان . وقال
مالك -رحمه الله- لا يلاعن إلا أن يقول رأيتك تزني أو ينفي حملا لها أو ولدا منها ، حجة الجمهور أن عموم قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ) يتناول الكل ، ولأنه لا تفاوت في قذف الأجنبية بين الكل ، فكذا في حق قذف الزوجة .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ ، وَالنَّظَرُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِأَطْرَافٍ :
الطَّرَفُ الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12214_10534مُوجِبِ اللِّعَانِ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا رَمَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً ، وَالتَّعْزِيرُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً ، كَمَا فِي رَمْيِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَيْرَ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمُخَلِّصِ ، فَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=10532_10531قَذْفِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ إِلَّا بِإِقْرَارِ الْمَقْذُوفِ ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى زِنَاهَا ، وَفِي قَذْفِ الزَّوْجَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ بِاللِّعَانِ ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الشَّرْعُ اللِّعَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ فِي زِنَا الْأَجْنَبِيَّةِ ، وَالْأَوْلَى لَهُ سَتْرُهُ ، أَمَّا إِذَا زَنَى بِزَوْجَتِهِ فَيَلْحَقُهُ الْعَارُ وَالنَّسَبُ الْفَاسِدُ ، فَلَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَتَوْقِيفُهُ عَلَى الْبَيِّنَةِ كَالْمُعْتَذِرِ ، فَلَا جَرَمَ خَصَّ الشَّرْعُ هَذِهِ الصُّورَةَ بِاللِّعَانِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُتَعَارَفِ مِنْ أَحْوَالِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُهَا بِالْقَذْفِ إِلَّا عَنْ حَقِيقَةٍ ، فَإِذَا رَمَاهَا فَنَفْسُ الرَّمْيِ يَشْهَدُ بِكَوْنِهِ صَادِقًا ، إِلَّا أَنَّ شَهَادَةَ الْحَالِ لَيْسَتْ بِكَامِلَةٍ فَضُمَّ إِلَيْهَا مَا يُقَوِّيهَا مِنَ الْأَيْمَانِ ، كَشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ لَمَّا ضَعُفَتْ قَوِيَتْ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ يَتَقَوَّى بِالْيَمِينِ عَلَى قَوْلِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ .
المسألة الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ كَانَ حَدُّ قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالزَّوْجَاتِ الْجَلْدَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013376قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ " ائْتِنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ لَكَ ، وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ " فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10481_10484_12194حَدَّ قَاذِفِ الزَّوْجَاتِ كَانَ كَحَدِّ قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّاتِ إِلَّا أَنَّهُ نُسِخَ عَنِ الْأَزْوَاجِ الْجَلْدُ بِاللِّعَانِ ، وَرَوَى نَحْوَ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ ، وَإِنْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ . فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى أَنَّ حَدَّ قَاذِفِ الزَّوْجَةِ كَانَ الْجَلْدَ وَأَنَّ اللَّهَ نَسَخَهُ بِاللِّعَانِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا قَذَفَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فَالْوَاجِبُ هُوَ الْحَدُّ وَلَكِنَّ الْمُخَلِّصَ مِنْهُ بِاللِّعَانِ ، كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ بِقَذْفِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْحَدُّ وَالْمُخَلِّصَ مِنْهُ بِالشُّهُودِ ، فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12344_33471_10465نَكَلَ الزَّوْجُ عَنِ اللِّعَانِ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ لِلْقَذْفِ ، فَإِذَا لَاعَنَ وَنَكَلَتْ عَنِ اللِّعَانِ يَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إِذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَنِ اللِّعَانِ حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ ، وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12347_33471_12194_10465الْمَرْأَةُ إِذَا نَكَلَتْ حُبِسَتْ حَتَّى لَا تُلَاعِنَ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ) يَعْنِي غَيْرَ الزَّوْجَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ) ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ حُكْمَ الْأَزْوَاجِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ ) الْآيَةَ فَكَمَا أَنَّ مُقْتَضَى قَذْفِ الْأَجْنَبِيَّاتِ الْإِتْيَانُ بِالشُّهُودِ أَوِ الْجَلَدُ فَكَذَا مُوجِبُ قَذْفِ الزَّوْجَاتِ الْإِتْيَانُ بِاللِّعَانِ أَوِ الْحَدُّ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ) وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ الدَّاخِلَانِ عَلَى الْعَذَابِ لَا يُفِيدَانِ الْعُمُومَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ فَوَجَبَ صَرْفُهُمَا إِلَى
[ ص: 146 ] الْمَعْهُودِ السَّابِقِ وَالْمَعْهُودُ السَّابِقُ هُوَ الْحَدُّ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْحَدُّ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْعَذَابِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ) هُوَ الْحَدُّ ، ثَبَتَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَلَاعِنْ لَحُدَّتْ ، وَأَنَّهَا بِاللِّعَانِ دَفَعَتِ الْحَدَّ ، فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ مِنَ الْعَذَابِ هُوَ الْحَبْسُ . قُلْنَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْمَعْهُودِ الْمَذْكُورِ ، وَأَقْرَبُ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْعَذَابُ بِمَعْنَى الْحَدِّ ، وَأَيْضًا فَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْحَدِّ لَا تَصِيرُ الْآيَةُ مُجْمَلَةً . أَمَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْحَبْسِ تَصِيرُ الْآيَةُ مُجْمَلَةً لَأَنَّ مِقْدَارَ الْحَبْسِ غَيْرُ مَعْلُومٍ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحَبْسِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَقُولُ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ صَادِقًا فَحُدُّونِي ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَخَلُّونِي فَمَا بَالِي وَالْحَبْسُ وَلَيْسَ حَبْسِي فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَلَا الْقِيَاسِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ الزَّوْجَ قَذَفَهَا ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْمُخْرِجِ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ أَوْ شَهَادَةِ نَفْسِهِ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ) وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ ; لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ .
وَخَامِسُهَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013377قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِخَوْلَةَ : " فَالرَّجْمُ أَهْوَنُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ " وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَلِأَنَّهَا مَا فَعَلَتْ سِوَى أَنَّهَا تَرَكَتِ اللِّعَانَ ، وَهَذَا التَّرْكُ لَيْسَ بَيِّنَةً عَلَى الزِّنَا وَلَا إِقْرَارًا مِنْهَا بِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ رَجْمُهَا ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013378لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ " الْحَدِيثَ . وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الرَّجْمُ إِذَا كَانَتْ مُحْصَنَةً لَمْ يَجِبِ الْجَلْدُ فِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ ، وَأَيْضًا فَالنُّكُولُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْإِقْرَارِ فَلَمْ يَجُزْ إِثْبَاتُ الْحَدِّ بِهِ كَاللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ لِلزِّنَا وَلِغَيْرِهِ .
المسألة الرَّابِعَةُ : قَالَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=treesubj&link=10468_12214_12194_12189_33338إِذَا قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ وَجَبَ اللِّعَانُ . وَقَالَ
مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لَا يُلَاعِنُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُكِ تَزْنِي أَوْ يَنْفِي حَمْلًا لَهَا أَوْ وَلَدًا مِنْهَا ، حُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ) يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ ، وَلِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِي قَذْفِ الْأَجْنَبِيَّةِ بَيْنَ الْكُلِّ ، فَكَذَا فِي حَقِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ .