الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثامنة : مذهب الجمهور الفقهاء أنه من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أنه ينبغي له أن يأتي الذي هو خير ثم يكفر عن يمينه ، وقال بعضهم إنه يأتي بالذي هو خير ، وذلك كفارته واحتج ذلك القائل بالآية والخبر ، أما الآية فهي أن الله تعالى أمر أبا بكر بالحنث ولم يوجب عليه كفارة ، وأما الخبر فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وذلك كفارته " وأما دليل قول الجمهور فأمور :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قوله تعالى : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) [ المائدة : 89 ] فكفارته وقوله : ( ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ) [ المائدة : 89 ] وذلك عام في الحانث في الخير وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله تعالى في شأن أيوب حين حلف على امرأته أن يضربها ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ) [ ص : 44 ] . وقد علمنا أن الحنث كان خيرا من تركه وأمره الله بضرب لا يبلغ منها ، ولو كان الحنث فيها كفارتها لما أمر بضربها بل كان يحنث بلا كفارة .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله عليه الصلاة والسلام : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " أما الجواب : عما ذكره أولا فهو أنه تعالى لم يذكر أمر الكفارة في قصة أبي بكر لا نفيا ولا إثباتا لأن حكمه كان معلوما في سائر الآيات، والجواب : عما ذكره ثانيا في قوله : " وليأت الذي هو خير وذلك كفارته " فمعناه تكفير الذنب لا الكفارة المذكورة في الكتاب ، وذلك لأنه منهي عن نقض الأيمان فأمره هاهنا بالحنث والتوبة ، وأخبر أن ذلك يكفر ذنبه الذي ارتكبه بالحلف .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية