المسألة السابعة : المراد من المبالغة في قبول التوبة ، وذلك من وجهين : وصف الله تعالى بالتواب
الأول : أن واحدا من ملوك الدنيا متى جنى عليه إنسان ثم اعتذر إليه فإنه يقبل الاعتذار ، ثم إذا عاد إلى الجناية وإلى الاعتذار مرة أخرى فإنه لا يقبله ؛ لأن طبعه يمنعه من قبول العذر ، أما الله سبحانه وتعالى فإنه بخلاف [ ص: 22 ] ذلك فإنه إنما يقبل التوبة لا لأمر يرجع إلى رقة طبع أو جلب نفع أو دفع ضرر بل إنما يقبلها لمحض الإحسان والتفضل ، فلو عصى المكلف كل ساعة ثم تاب وبقي على هذه الحالة العمر الطويل لكان الله تعالى يغفر له ما قد سلف ويقبل توبته ، فصار تعالى مستحقا للمبالغة في قبول التوبة فوصف بأنه تعالى تواب .
الثاني : أن الذين يتوبون إلى الله تعالى فإنه يكثر عددهم فإذا قبل توبة الجميع استحق المبالغة في ذلك ، ولما كان قبول التوبة مع إزالة العقاب يقتضي حصول الثواب وكان الثواب من جهته نعمة ورحمة وصف نفسه مع كونه توابا بأنه رحيم .