عليك مثل الذي صليت فاعتصمي عينا فإن لجنب المرء مضطجعا
وقال آخر :
وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتسم
وقال بعضهم : الأصل فيها اللزوم قال الشاعر :
لم أكن من جناتها علم الله وإني بحرها اليوم صالي
أي ملازم ، وقال آخرون : بل هي مأخوذة من المصلي وهو الفرس الذي يتبع غيره . والأقرب أنها مأخوذة من الدعاء ؛ إذ لا صلاة إلا ويقع فيها الدعاء أو ما يجري مجراه ، وقد تكون صلاة ولا يحصل فيها متابعة الغير ، وإذا حصل في وجه التشبيه ما عم كل الصور كان أولى أن يجعل وجه التشبيه شيئا يختص ببعض الصور . وقال أصحابنا من المجازات المشهورة في اللغة إطلاق اسم الجزء على الكل ، ولما كانت الصلاة الشرعية مشتملة على الدعاء لا جرم أطلق اسم الدعاء عليها على سبيل المجاز ، فإن كان مراد المعتزلة من كونها اسما شرعيا هذا . فذلك حق ، وإن كان المراد أن الشرع ارتجل هذه اللفظة ابتداء لهذا المسمى فهو باطل وإلا لما كانت هذه اللفظة عربية ، وذلك ينافي قوله تعالى : ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) [ يوسف : 20 ] أما عبارة عن النماء ، يقال : زكا الزرع إذا نما ، وعن التطهير قال الله تعالى : ( الزكاة فهي في اللغة أقتلت نفسا زكية ) [ الكهف : 74 ] أي طاهرة . وقال : ( قد أفلح من تزكى ) [ الأعلى : 14 ] أي تطهر ، وقال : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ) [ النور : 21 ] وقال : ( ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ) [ فاطر : 18 ] أي تطهر بطاعة الله ، ولعل إخراج نصف دينار من عشرين دينارا سمي بالزكاة تشبيها بهذين الوجهين ، لأن في إخراج ذلك القدر تنمية للبقية من حيث البركة ، فإن الله يرفع البلاء عن ذلك المال بسبب تزكية تلك العطية ، فصار ذلك الإعطاء نماء في المعنى وإن كان نقصانا في الصورة ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " ، ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة ، فأما التي في الدنيا فتزيد في الرزق وتكثر المال وتعمر الديار ، وأما التي في الآخرة فتستر العورة وتصير ظلا فوق الرأس وتكون سترا في النار عليكم بالصدقة فإن فيها ست خصال " . ويجوز أن تسمى الزكاة بالوجه الثاني من حيث إنها تطهر مخرج الزكاة عن كل الذنوب ، ولهذا قال تعالى لنبيه : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) [ التوبة : 103 ] .