وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أفلا تعقلون ) فهو تعجب للعقلاء من أفعالهم ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ) [ الأنبياء : 67 ] وسبب التعجب وجوه :
الأول : أن المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاد الغير إلى تحصيل المصلحة وتحذيره عما يوقعه في المفسدة ، والإحسان إلى المعروف أولى من الإحسان إلى الغير ، وذلك معلوم بشواهد العقل والنقل فمن
nindex.php?page=treesubj&link=26527_20191وعظ ولم يتعظ فكأنه أتى بفعل متناقض لا يقبله العقل فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أفلا تعقلون ) .
الثاني : أن من
nindex.php?page=treesubj&link=26527_20191وعظ الناس وأظهر علمه للخلق ثم لم يتعظ صار ذلك الوعظ سببا لرغبة الناس في المعصية ؛ لأن الناس يقولون : إنه مع هذا العلم لولا أنه مطلع على أنه لا أصل لهذه التخويفات ، وإلا لما أقدم على المعصية ثم أتى بفعل يوجب الجراءة على المعصية فكأنه جمع بين المتناقضين ، وذلك لا يليق بأفعال العقلاء ، فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أفلا تعقلون ) .
الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=20196من وعظ فلا بد وأن يجتهد في أن يصير وعظه مؤثرا في القلوب ، ومن عصى كان غرضه أن لا يصير وعظه مؤثرا في القلوب فالجمع بينهما متناقض غير لائق بالعقلاء ، ولهذا قال
علي رضي الله عنه : قصم ظهري رجلان : عالم متهتك وجاهل متنسك . وبقي ههنا مسائل :
المسألة الأولى : قال بعضهم :
nindex.php?page=treesubj&link=20198_26527ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر واحتجوا بالآية والمعقول ، أما الآية فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) ولا شك أنه تعالى ذكر ذلك في معرض الذم ، وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لم تقولون ما لا تفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 3 ] ، وأما المعقول فهو أنه لو جاز ذلك لجاز لمن يزني بامرأة أن ينكر عليها في أثناء الزنا على كشفها عن وجهها ، ومعلوم أن ذلك مستنكر . والجواب : أن
nindex.php?page=treesubj&link=24661_33501المكلف مأمور بشيئين : أحدهما ترك المعصية ، والثاني : منع الغير عن فعل المعصية والإخلال بأحد التكليفين لا يقتضي الإخلال بالآخر ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) فهو نهي عن الجمع بينهما ، والنهي عن الجمع بين الشيئين يصح حمله على وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد هو النهي عن نسيان النفس مطلقا .
والآخر : أن يكون المراد هو النهي عن ترغيب الناس في
[ ص: 45 ] البر حال كونه ناسيا للنفس ، وعندنا المراد من الآية هو الأول لا الثاني ، وعلى هذا التقدير يسقط قول هذا الخصم ، وأما المعقول الذي ذكروه فيلزمهم .
المسألة الثانية : احتجت
المعتزلة بهذه الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785فعل العبد غير مخلوق لله عز وجل فقالوا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) إنما يصح ويحسن لو كان ذلك الفعل منهم ، فأما إذا كان مخلوقا فيهم على سبيل الاضطرار فإن ذلك لا يحسن ، إذ لا يجوز أن يقال للأسود : لم لا تبيض ؟ لما كان السواد مخلوقا فيه . والجواب : أن قدرته لما صلحت للضدين فإن حصل أحد الضدين دون الآخر لا لمرجح كان ذلك محض الاتفاق ، والأمر الاتفاقي لا يمكن التوبيخ عليه . وإن حصل فإن كان ذلك المرجح منه عاد البحث فيه ، وإن حصل من الله تعالى فعند حصوله يصير ذلك الطرف راجحا والآخر مرجوحا والمرجوح ممتنع الوقوع ؛ لأنه حال الاستواء لما كان ممتنع الوقوع فحال المرجوحية أولى بأن يكون ممتنع الوقوع ، وإذا امتنع أحد النقيضين وجب الآخر ، وحينئذ يعود عليكم كل ما أوردتموه علينا . ثم الجواب الحقيقي عن الكل : أنه "
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لا يسأل عما يفعل " .
المسألة الثالثة : ( أ ) عن
أنس رضي الله عنه : قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011470مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاهم بمقاريض من النار ، فقلت : يا أخي يا جبريل من هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء nindex.php?page=treesubj&link=26527_30437_18470خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم " ( ب ) وقال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011471إن nindex.php?page=treesubj&link=18474_30437_18470في النار رجلا يتأذى أهل النار بريحه . فقيل : من هو يا رسول الله ؟ قال : " عالم لا ينتفع بعلمه " ( ج ) وقال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011472مثل الذي nindex.php?page=treesubj&link=26527_18474_18470يعلم الناس الخير ولا يعمل به كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه " ( د ) وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من النار فيقولون : لم دخلتم النار ونحن إنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم ؟ فقالوا : إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله . كما قيل : من وعظ بقوله ضاع كلامه ، ومن وعظ بفعله نفذت سهامه . وقال الشاعر :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا
كيما يصح به وأنت سقيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى
بالرأي منك وينفع التعليم
قيل : عمل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل ، وأما من وعظ واتعظ فمحله عند الله عظيم .
روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون مات وكان واعظا زاهدا ، فرؤي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي وأول ما سألني منكر ونكير فقالا : من ربك ؟ فقلت : أما تستحيان من شيخ دعا إلى الله تعالى كذا وكذا سنة فتقولان له من ربك ؟ وقيل
للشبلي عند النزع : قل لا إله إلا الله . فقال :
إن بيتا أنت ساكنه غير محتاج إلى السرج
[ ص: 46 ] ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون )
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) فَهُوَ تَعَجُّبٌ لِلْعُقَلَاءِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=67أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 67 ] وَسَبَبُ التَّعَجُّبِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ إِرْشَادُ الْغَيْرِ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَتَحْذِيرُهُ عَمَّا يُوقِعُهُ فِي الْمَفْسَدَةِ ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْمَعْرُوفِ أَوْلَى مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَى الْغَيْرِ ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِشَوَاهِدِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26527_20191وَعَظَ وَلَمْ يَتَّعِظْ فَكَأَنَّهُ أَتَى بِفِعْلٍ مُتَنَاقِضٍ لَا يَقْبَلُهُ الْعَقْلُ فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) .
الثَّانِي : أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26527_20191وَعَظَ النَّاسَ وَأَظْهَرَ عِلْمَهُ لِلْخَلْقِ ثُمَّ لَمْ يَتَّعِظْ صَارَ ذَلِكَ الْوَعْظُ سَبَبًا لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي الْمَعْصِيَةِ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ مَعَ هَذَا الْعِلْمِ لَوْلَا أَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِهَذِهِ التَّخْوِيفَاتِ ، وَإِلَّا لَمَا أَقْدَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ثُمَّ أَتَى بِفِعْلٍ يُوجِبُ الْجَرَاءَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَيْنِ ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ ، فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) .
الثَّالِثُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20196مَنْ وَعَظَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يَصِيرَ وَعْظُهُ مُؤَثِّرًا فِي الْقُلُوبِ ، وَمَنْ عَصَى كَانَ غَرَضُهُ أَنْ لَا يَصِيرَ وَعْظُهُ مُؤَثِّرًا فِي الْقُلُوبِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْعُقَلَاءِ ، وَلِهَذَا قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَصَمَ ظَهْرِي رَجُلَانِ : عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ وَجَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ . وَبَقِيَ هَهُنَا مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ بَعْضُهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=20198_26527لَيْسَ لِلْعَاصِي أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَاحْتَجُّوا بِالْآيَةِ وَالْمَعْقُولِ ، أَمَّا الْآيَةُ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ ، وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=2لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=3كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) [ الصَّفِّ : 3 ] ، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِمَنْ يَزْنِي بِامْرَأَةٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الزِّنَا عَلَى كَشْفِهَا عَنْ وَجْهِهَا ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَنْكَرٌ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24661_33501الْمُكَلَّفَ مَأْمُورٌ بِشَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا تَرْكُ الْمَعْصِيَةِ ، وَالثَّانِي : مَنْعُ الْغَيْرِ عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَالْإِخْلَالُ بِأَحَدِ التَّكْلِيفَيْنِ لَا يَقْتَضِي الْإِخْلَالَ بِالْآخَرِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) فَهُوَ نَهْيٌ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُوَ النَّهْيَ عَنْ نِسْيَانِ النَّفْسِ مُطْلَقًا .
وَالْآخَرُ : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُوَ النَّهْيَ عَنْ تَرْغِيبِ النَّاسِ فِي
[ ص: 45 ] الْبَرِّ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا لِلنَّفْسِ ، وَعِنْدَنَا الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ هُوَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَسْقُطُ قَوْلُ هَذَا الْخَصْمِ ، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَيَلْزَمُهُمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّتِ
الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785فِعْلَ الْعَبْدِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالُوا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=44أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) إِنَّمَا يَصِحُّ وَيَحْسُنُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِنْهُمْ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مَخْلُوقًا فِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الِاضْطِرَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْسُنُ ، إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْأَسْوَدِ : لِمَ لَا تَبْيَضَّ ؟ لَمَّا كَانَ السَّوَادُ مَخْلُوقًا فِيهِ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ قُدْرَتَهُ لَمَّا صَلَحَتْ لِلضِّدَّيْنِ فَإِنْ حَصَلَ أَحَدُ الضِّدَّيْنِ دُونَ الْآخَرِ لَا لِمُرَجِّحٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْضَ الِاتِّفَاقِ ، وَالْأَمْرُ الِاتِّفَاقِيُّ لَا يُمْكِنُ التَّوْبِيخُ عَلَيْهِ . وَإِنْ حَصَلَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَجَّحُ مِنْهُ عَادَ الْبَحْثُ فِيهِ ، وَإِنْ حَصَلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَعِنْدَ حُصُولِهِ يَصِيرُ ذَلِكَ الطَّرَفُ رَاجِحًا وَالْآخَرُ مَرْجُوحًا وَالْمَرْجُوحُ مُمْتَنِعُ الْوُقُوعِ ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الِاسْتِوَاءِ لَمَّا كَانَ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ فَحَالُ الْمَرْجُوحِيَّةِ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ ، وَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُ النَّقِيضَيْنِ وَجَبَ الْآخَرُ ، وَحِينَئِذٍ يَعُودُ عَلَيْكُمْ كُلُّ مَا أَوْرَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا . ثُمَّ الْجَوَابُ الْحَقِيقِيُّ عَنِ الْكُلِّ : أَنَّهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ " .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : ( أ ) عَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011470مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنَ النَّارِ ، فَقُلْتُ : يَا أَخِي يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ nindex.php?page=treesubj&link=26527_30437_18470خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبَرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ " ( ب ) وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011471إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=18474_30437_18470فِي النَّارِ رَجُلًا يَتَأَذَّى أَهْلُ النَّارِ بِرِيحِهِ . فَقِيلَ : مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " عَالِمٌ لَا يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ " ( ج ) وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011472مَثَلُ الَّذِي nindex.php?page=treesubj&link=26527_18474_18470يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَيَحْرِقُ نَفْسَهُ " ( د ) وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ : يَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى قَوْمٍ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُونَ : لِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ وَنَحْنُ إِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِفَضْلِ تَعْلِيمِكُمْ ؟ فَقَالُوا : إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَلَا نَفْعَلُهُ . كَمَا قِيلَ : مَنْ وَعَظَ بِقَوْلِهِ ضَاعَ كَلَامُهُ ، وَمَنْ وَعَظَ بِفِعْلِهِ نَفَذَتْ سِهَامُهُ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنَا
كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ فَهُنَاكَ يُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى
بِالرَّأْيِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
قِيلَ : عَمَلُ رَجُلٌ فِي أَلْفِ رَجُلٍ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِ أَلْفِ رَجُلٍ فِي رَجُلٍ ، وَأَمَّا مَنْ وَعَظَ وَاتَّعَظَ فَمَحَلُّهُ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ .
رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ مَاتَ وَكَانَ وَاعِظًا زَاهِدًا ، فَرُؤِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ فَقَالَ : غَفَرَ لِي وَأَوَّلُ مَا سَأَلَنِي مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَقَالَا : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَقُلْتُ : أَمَا تَسْتَحِيَانِ مِنْ شَيْخٍ دَعَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا سَنَةً فَتَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ ؟ وَقِيلَ
لِلشِّبْلِيِّ عِنْدَ النَّزْعِ : قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . فَقَالَ :
إِنَّ بَيْتًا أَنْتَ سَاكِنُهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى السُّرُجِ
[ ص: 46 ] ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )