قال المصنف رحمه الله تعالى : ( من فالواجب في صدقته الغنم وهو مخير بين أن يخرج الغنم وبين أن يخرج بعيرا ، فإذا أخرج الغنم جاز ; لأنه [ هو ] الفرض المنصوص عليه ، وإن أخرج البعير جاز ; لأن الأصل في صدقة الحيوان أن يخرج من جنس الفرض ، وإنما عدل إلى الغنم ههنا رفقا برب المال ; فإذا اختار أصل الفرض قبل منه ، كمن ترك المسح على الخف وغسل الرجل ، وإن امتنع من إخراج الزكاة لم يطالب إلا بالغنم ; لأنه هو الفرض المنصوص عليه ، وإن اختار إخراج البعير قبل منه أي بعير كان ، ولو أخرج بعيرا قيمته أقل من قيمة الشاة أجزأه ; لأنه أفضل من الشاة ; لأنه يجزئ عن [ ص: 360 ] خمس وعشرين فلأن يجزئ عما دونها أولى . وهل يكون الجميع فرضه أو بعضه ؟ فيه وجهان : ( أحدهما ) : أن الجميع فرضه ; لأنا خيرناه بين الفرضين ، فأيهما فعل كان هو الفرض ، كمن خير بين غسل الرجل والمسح على الخف . ( والثاني ) : أن الفرض بعضه ; لأن البعير يجزئ عن الخمس والعشرين ، فدل على أن كل خمس من الإبل يقابل خمس بعير ، وإن اختار إخراج الغنم لم يقبل دون الجذع والثني في السن لما روى ملك من الإبل دون الخمس والعشرين قال " أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نهينا عن الأخذ من راضع لبن ، وإنما حقنا في الجذعة والثنية " وهل يجزئ فيه الذكر ؟ وجهان : ( من أصحابنا ) من قال : لا يجزئه للخبر ; ولأنه أصل في صدقة الإبل ، فلم يجز فيها الذكر ، كالفرض من جنسه ، وقال سويد بن غفلة : يجزيه [ ; لأنه ] حق لله تعالى لا يعتبر فيه صفة ماله ، فجاز فيه الذكر والأنثى كالأضحية ، وتجب عليه من غنم البلد إن كان ضأنا فمن الضأن ، وإن كان معزا فمن المعز ، وإن كان منهما فمن الغالب ، وإن كانا سواء جاز من أيهما شاء ; لأن كل مال وجب في الذمة بالشرع اعتبر فيه عرف البلد كالطعام في الكفارة . وإن كانت الإبل مراضا ففي شاتها وجهان : ( أحدهما ) : لا تجب فيه إلا ما تجب في الصحاح ، وهو ظاهر المذهب . ; لأنه لا يعتبر فيه صفة المال . فلم يختلف بصحة المال ومرضه كالأضحية . وقال أبو إسحاق أبو علي بن خيران : تجب عليه شاة بالقسط فتقوم الإبل الصحاح والشاة التي تجب فيها ، ثم تقوم الإبل المراض ، فيجب فيها شاة بالقسط ; لأنه لو كان الواجب من جنسه فرق بين الصحاح والمراض ، فكذلك إذا كان من غير جنسه وجب أن يفرق بين الصحاح والمراض ) .