( 1700 ) مسألة : قال : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ) ظاهر هذا أنها ففيها ثلاث بنات لبون ، وهو إحدى الروايتين عن إذا زادت على العشرين والمائة واحدة ، ومذهب أحمد الأوزاعي ، ، والشافعي وإسحاق .
والرواية الثانية ، لا يتعدى الفرض إلى ثلاثين ومائة ، فيكون فيها حقة وبنتا لبون . وهذا مذهب ، محمد بن إسحاق بن يسار . وأبي عبيد روايتان ; لأن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة ; بدليل سائر الفروض . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { ولمالك } . والواحدة زيادة ، وقد جاء مصرحا به في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عند ال فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون . رواه عمر بن الخطاب أبو داود ، والترمذي ، وقال : هو حديث حسن . وقال : هو أحسن شيء روي في أحاديث الصدقات . وفيه : { ابن عبد البر } . وفي لفظ : { فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ، ففيها ثلاث بنات لبون } أخرجه إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة . الدارقطني
وأخرج حديث ، من رواية أنس إسحاق بن راهويه ، عن النضر بن إسماعيل ، عن ، قال : أخذنا هذا الكتاب من حماد بن سلمة ثمامة يحدث به عن . وفيه : { أنس } . ولأن سائر ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم غاية للفرض ، إذا زاد عليه واحدة تغير الفرض ، كذا هذا . وقولهم : إن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة . قلنا : وهذا ما تغير بالواحدة وحدها ، وإنما تغير بها مع ما قبلها ، فأشبهت الواحدة الزائدة عن التسعين والستين وغيرهما . فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة
وقال ، ابن مسعود ، والنخعي ، والثوري : إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ، استؤنفت الفريضة ، في كل خمس شاة إلى خمس وأربعين ومائة ، فيكون فيها حقتان وبنت مخاض ، إلى خمسين ومائة ، ففيها ثلاث حقاق . وتستأنف الفريضة في كل خمس شاة ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب وأبو حنيفة لعمرو بن حزم كتابا ، ذكر فيه الصدقات والديات ، وذكر فيه مثل هذا .
[ ص: 235 ] ولنا ، أن في حديثي الصدقات الذي كتبه أبو بكر ، والذي كان عند آل لأنس مثل مذهبنا ، وهما صحيحان ، وقد رواه عمر بن الخطاب أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { } . وأما كتاب هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين عمرو بن حزم ، فقد اختلف في صفته ، فرواه في " سننه " مثل مذهبنا . الأثرم
والأخذ بذلك أولى ، لموافقته الأحاديث الصحاح ، وموافقته القياس ، فإن المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب من غير جنسه ، كسائر بهيمة الأنعام ، ولأنه مال احتمل المواساة من جنسه ، فلم يجب من غير جنسه ، كالبقر والغنم .
وإنما وجب في الابتداء من غير جنسه ، لأنه ما احتمل المواساة من جنسه ، فلم يجب من غير جنسه ، فعدلنا إلى غير الجنس ضرورة ، وقد زال ذلك بزيادة المال وكثرته ، ولأنه عندهم ينقل من بنت مخاض إلى حقة ، بزيادة خمس من الإبل ، وهي زيادة يسيرة لا تقتضي الانتقال إلى حقة ، فإنا لم ننقل في محل الوفاق من بنت مخاض إلى حقة ، إلا بزيادة إحدى وعشرين ، وإن زادت على مائة وعشرين جزءا من بعير ، لم يتغير الفرض عند أحد من الناس ; لأن في بعض الروايات : " فإذا زادت واحدة " .
وهذا يقيد مطلق الزيادة في الرواية الأخرى ، ولأن سائر الفروض لا تتغير بزيادة جزء . وعلى كلتا الروايتين متى بلغت الإبل مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون ، وفي مائة وأربعين حقتان وبنتا لبون ، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق ، وفي مائة وستين أربع بنات لبون . ثم كلما زادت عشرا أبدلت مكان بنت لبون حقة ، ففي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون ، وفي مائة وثمانين حقتان وابنتا لبون ، وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون .
فإذا بلغت مائتين اجتمع الفرضان ; لأن فيهما خمسين أربع مرات ، وأربعين خمس مرات ، فيجب عليه أربع حقاق أو خمس بنات لبون ، أي الفرضين شاء أخرج ، وإن كان الآخر أفضل منه . وقد روي عن أن عليه أربع حقاق . وهذا محمول على أن عليه أربع حقاق بصيغة التخيير ، اللهم إلا أن يكون المخرج وليا ليتيم أو مجنون ، فليس له أن يخرج من ماله إلا أدنى الفرضين . أحمد
وقال : الخيرة إلى الساعي . ومقتضى قوله أن رب المال إذا أخرج لزمه إخراج أعلى الفرضين ، واحتج بقول الله تعالى : { الشافعي ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } . ولأنه وجد سبب الفرضين ، فكانت الخيرة إلى مستحقه أو نائبه ، كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية .
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الصدقات ، الذي كتبه ، وكان عند ال : { عمر بن الخطاب } . وهذا نص لا يعرج معه على شيء يخالفه ، وقوله عليه السلام { فإذا كانت مائتين ، ففيها أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون ، أي البنتين وجدت أخذت : إياك وكرائم أموالهم لمعاذ } .
ولأنها زكاة ثبت فيها الخيار ، فكان ذلك لرب المال ، كالخيرة في الجبران بين مائتين أو عشرين درهما ، وبين النزول والصعود ، وتعيين المخرج ، ولا تتناول الآية ما نحن فيه ; لأنه إنما يأخذ الفرض بصفة المال ، فيأخذ من الكرام كرائم ، ومن غيرها من وسطها ، فلا يكون خبيثا ، لأن الأدنى ليس بخبيث ، وكذلك لو لم يوجد إلا سبب وجوبه وجب إخراجه ، وقياسهم يبطل بشاة الجبران ، وقياسنا أولى منه ; لأن قياس الزكاة على الزكاة أولى من قياسها على الديات .
إذا ثبت هذا فكان أحد الفرضين في ماله دون [ ص: 236 ] الآخر ، فهو مخير بين إخراجه أو شراء الآخر ، ولا يتعين عليه سوى إخراج الموجود ; لأن الزكاة لا تجب في عين المال . وقال : يتعين عليه إخراج الموجود لأن الزكاة لا تجب في عين المال . ولعله أراد إذا لم يقدر على شراء الآخر . القاضي