الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1702 ) مسألة : قال : ( ومن وجبت عليه حقة وليست عنده ، وعنده ابنة لبون ، أخذت منه ومعها شاتان أو عشرون درهما ، ومن وجبت عليه ابنة لبون ، وليست عنده ، وعنده حقة ، أخذت منه وأعطي الجبران شاتين أو عشرين درهما ) المذهب في هذا أنه متى وجبت عليه سن وليست عنده ، فله أن يخرج سنا أعلى منها ، ويأخذ شاتين أو عشرين درهما ، أو سنا أنزل منها ومعها شاتين أو عشرين درهما ، إلا ابنة مخاض ليس له أن يخرج أنزل منها ; لأنها أدنى سن تجب في الزكاة ، أو جذعة .

                                                                                                                                            فلا يخرج أعلى منها ، إلا أن يرضى رب المال بإخراجها لا جبران معها ، فتقبل منه . والاختيار في الصعود والنزول ، والشياه والدراهم ، إلى رب المال . وبهذا قال النخعي ، والشافعي ، وابن المنذر . واختلف فيه عن إسحاق . وقال الثوري : يخرج شاتين أو عشرة دراهم ; لأن الشاة في الشرع متقومة بخمسة دراهم ، بدليل أن نصابها أربعون ، ونصاب الدراهم مائتان .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الرأي : يدفع قيمة ما وجب عليه ، أو [ ص: 237 ] دون السن الواجبة وفضل ما بينهما دراهم . ولنا ، قوله عليه السلام ، في الحديث الذي رويناه من طريق البخاري : { ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة ، وليست عنده جذعة ، وعنده حقة ، فإنها تقبل منه الحقة ، ويجعل معها شاتين ، إن استيسرتا له ، أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة ، وليست عنده ، وعنده الجذعة ، فإنها تقبل منه الجذعة ، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين . ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون ، فإنها تقبل منه بنت لبون ، ويعطي شاتين ، أو عشرين درهما ، ومن بلغت صدقته بنت لبون ، وعنده حقة ، فإنها تقبل منه الحقة ، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت صدقته بنت لبون ، وليست عنده ، وعنده ابنة مخاض ، فإنها تقبل منه ابنة مخاض ويعطي معها عشرين درهما ، أو شاتين } وهذا نص ثابت صحيح لم يلتفت إلى ما سواه . إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز العدول إلى هذا الجبران مع وجود الأصل ; لأنه مشروط في الخبر بعدم الأصل ، وإن أراد أن يخرج في الجبران شاة ، وعشرة دراهم . فقال القاضي : لا يمنع هذا ، كما قلنا في الكفارة ، فله إخراجها من جنسين ; لأن الشاة مقام عشرة دراهم ، فإذا اختار إخراجها وعشرة جاز . ويحتمل المنع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير بين شاتين وعشرين درهما ، وهذا قسم ثالث ، فتجويزه يخالف الخبر . والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية