( 2114 ) مسألة : قال : وروي هذا عن ( ولا يفطر إذا رآه وحده ) ، مالك . وقال والليث : يحل له أن يأكل حيث لا يراه أحد ; لأنه يتيقنه من شوال ، فجاز له الأكل ، كما لو قامت به بينة . ولنا ، ما روى الشافعي أبو رجاء عن ، أن رجلين قدما أبي قلابة المدينة وقد رأيا الهلال ، وقد أصبح الناس صياما . فأتيا . فذكرا ذلك له ، فقال لأحدهما : أصائم أنت ؟ قال : بل مفطر . قال : ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال . وقال للآخر ، قال : أنا صائم . قال : ما حملك على هذا ؟ قال : لم أكن لأفطر والناس صيام . فقال للذي أفطر : لولا مكان هذا لأوجعت رأسك . ثم نودي في الناس : أن اخرجوا . أخرجه عمر سعيد ، عن ابن علية عن أيوب ، عن أبي رجاء .
وإنما أراد ضربه لإفطاره برؤيته ، ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه . ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ، ولا توعده . وقالت عائشة : إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين . ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما ، فكان إجماعا ، ولأنه يوم محكوم به من رمضان ، فلم يجز الفطر فيه كاليوم الذي قبله ، وفارق ما إذا قامت البينة ، فإنه محكوم به من شوال ، بخلاف مسألتنا .
وقولهم : إنه يتيقن أنه من شوال . قلنا : لا يثبت اليقين ; لأنه يحتمل أن يكون الرائي خيل إليه ، كما روي أن رجلا في زمن ، قال : لقد رأيت الهلال . فقال له : امسح عينك . فمسحها ، ثم قال له : تراه ؟ قال : لا . قال : لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك ، فظننتها هلالا أو ما هذا معناه [ ص: 50 ] عمر
فصل : فإن جاز لمن سمع شهادتهما الفطر ، إذا عرف عدالتهما ، ولكل واحد منهما الفطر بقولهما ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { رآه اثنان ، ولم يشهدا عند الحاكم } وإن شهدا عند الحاكم ، فرد شهادتهما ; لجهله بحالهما ، فلمن علم عدالتهما الفطر بقولهما ; لأن رد الحاكم هاهنا ليس بحكم منه ، وإنما هو توقف لعدم علمه . فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة ، ولهذا لو تثبت عدالتهما بعد ذلك حكم بها ، وإن لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه ; لم يجز له الفطر ، إلا أن يحكم بذلك الحاكم ، لئلا يفطر برؤيته وحده . وإذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا