[ ص: 119 ] باب ذكر الإحرام ( 2283 ) مسألة : قال : ( ومن أراد الحج ، وقد دخل أشهر الحج ، فإذا بلغ الميقات ، فالاختيار له أن يغتسل ) قوله : ( وقد دخل أشهر الحج ) . يدل على أنه لا ينبغي أن يحرم بالحج قبل أشهره ، وهذا هو الأولى ، فإن أبو القاسم مكروه ; لكونه إحراما به قبل وقته ، فأشبه الإحرام به قبل ميقاته ، ولأن في صحته اختلافا ، فإن أحرم به قبل أشهره صح ، وإذا بقي على إحرامه إلى وقت الحج ، جاز . نص عليه الإحرام بالحج قبل أشهره . وهو قول أحمد ، النخعي . ومالك ، والثوري ، وأبي حنيفة وإسحاق .
وقال ، عطاء ، وطاوس ، ومجاهد : يجعله عمرة ; لقول الله تعالى : { والشافعي الحج أشهر معلومات } . تقديره وقت الحج أشهر ، أو أشهر الحج أشهر معلومات . فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه ، ومتى ثبت أنه وقته ، لم يجز تقديم إحرامه عليه ، كأوقات الصلوات .
ولنا ، قول الله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } . فدل على أن جميع الأشهر ميقات . ولأنه أحد نسكي القران ، فجاز الإحرام به في جميع السنة ، كالعمرة ، أو أحد الميقاتين ، فصح الإحرام قبله كميقات المكان ، والآية محمولة على أن الإحرام به إنما يستحب فيها . وعلى كل حال ، ، في قول أكثر أهل العلم ، منهم فمن أراد الإحرام ، استحب له أن يغتسل قبله ، طاوس ، والنخعي ، ومالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي ; لما روى والشافعي ، عن أبيه ، أنه { خارجة بن زيد بن ثابت } . رواه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله ، واغتسل الترمذي ، وقال : حديث حسن غريب .
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ، وهي نفساء ، أن تغتسل عند الإحرام . وأمر أسماء بنت عميس أن تغتسل عند الإهلال بالحج ، وهي حائض . ولأن هذه العبادة يجتمع لها الناس ، فسن لها الاغتسال ، كالجمعة ، وليس ذلك واجبا في قول عامة أهل العلم . عائشة
قال : أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال ، وأنه غير واجب . وحكي عن ابن المنذر الحسن أنه قال : إذا نسي الغسل ، يغتسل إذا ذكر . وقال : سمعت الأثرم قيل له عن بعض أهل أبا عبد الله المدينة : من ترك الغسل عند الإحرام ، فعليه دم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم وهي نفساء : ( اغتسلي ) فكيف الطاهر ؟ فأظهر التعجب من هذا القول . وكان لأسماء يغتسل أحيانا ، ويتوضأ أحيانا . وأي ذلك فعل أجزأه ، ولا يجب الاغتسال ، ولا نقل الأمر به إلا لحائض أو نفساء ، ولو كان واجبا لأمر به غيرهما ، ولأنه لأمر مستقبل ، فأشبه غسل الجمعة . ابن عمر
( 2284 ) فصل : ، لم يسن له التيمم . وقال فإن لم يجد ماء : يتيمم ; لأنه غسل مشروع ، فناب عنه [ ص: 120 ] التيمم ، كالواجب . القاضي
ولنا ، أنه غسل مسنون ، فلم يستحب التيمم عند عدمه ، كغسل الجمعة ، وما ذكره منتقض بغسل الجمعة ونحوه من الأغسال المسنونة ، والفرق بين الواجب والمسنون ، أن الواجب يراد لإباحة الصلاة ، والتيمم يقوم مقامه في ذلك ، والمسنون يراد للتنظيف وقطع الرائحة ، والتيمم لا يحصل هذا ، بل يزيد شعثا وتغييرا ، ولذلك افترقا في الطهارة الصغرى ، فلم يشرع تجديد التيمم ، ولا تكرار المسح به .