( 2291 ) فصل : فمن ، فالمستحب أن يقول : اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي ، وتقبلها مني ، ومحلي حيث تحبسني . فإنه يستحب للإنسان النطق بما أحرم به ، ليزول الالتباس ، فإن لم ينطق بشيء ، واقتصر على مجرد النية ، كفاه ، في قول إمامنا ، أراد الإحرام بعمرة ، ومالك ، وقال والشافعي : لا ينعقد بمجرد النية ، حتى تنضاف إليها التلبية ، أو سوق الهدي ; لما روى أبو حنيفة خلاد بن السائب الأنصاري ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جبريل ، فقال : يا محمد ، مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية } . رواه جاءني ، وقال النسائي الترمذي : هو حديث حسن صحيح . ولأنها عبادة ذات تحريم وتحليل ، فكان لها نطق واجب كالصلاة ، ولأن الهدي [ ص: 126 ] والأضحية لا يجبان بمجرد النية كذلك النسك .
ولنا ، أنها عبادة ليس في آخرها نطق واجب ، فلم يكن في أولها ، كالصيام ، والخبر المراد به الاستحباب ، فإن منطوقه رفع الصوت ، ولا خلاف في أنه غير واجب ، فما هو من ضرورته أولى ، ولو وجب النطق ، لم يلزم كونه شرطا ، فإن كثيرا من واجبات الحج غير مشترطة فيه ، والصلاة في آخرها نطق واجب ، بخلاف الحج والعمرة .
وأما الهدي والأضحية ، فإيجاب مال ، فأشبه النذر ، بخلاف الحج ، فإنه عبادة بدنية . فعلى هذا ، نحو أن ينوي العمرة ، فيسبق لسانه إلى الحج ، أو بالعكس ، انعقد ما نواه دون ما لفظ به . قال لو نطق بغير ما نواه : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على هذا . وذلك لأن الواجب النية ، وعليها الاعتماد ، واللفظ لا عبرة به ، فلم يؤثر ، كما لا يؤثر اختلاف النية فيما يعتبر له اللفظ دون النية . ابن المنذر