وروي ذلك عن ، عثمان ; لما روت وعطاء أم الحصين ، قالت : { أسامة ، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر ، حتى رمى جمرة العقبة وبلالا } . رواه حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيت وغيره . ولأنه يباح له التظلل في البيت والخباء ، فجاز في حال الركوب ، كالحلال ، ولأن ما حل للحلال حل للمحرم ، إلا ما قام على تحريمه دليل . واحتج مسلم بقول أحمد ، روى ابن عمر قال : رأى عطاء على رحل ابن عمر عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عودا يستره من الشمس ، فنهاه . وعن ، عن نافع ، أنه رأى رجلا محرما على رحل ، قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس ، فقال : اضح لمن أحرمت له . أي ابرز للشمس . رواهما ابن عمر . ولأنه ستر بما يقصد به الترفه ، أشبه ما لو غطاه . والحديث ذهب إليه الأثرم ، فلم يكره أن يستتر بثوب ونحوه ، فإن ذلك لا يقصد للاستدامة ، والهودج بخلافه ، والخيمة والبيت يرادان لجمع الرحل وحفظه ، لا للترفه . وظاهر كلام أحمد ، أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه ، لوقوع الخلاف فيه ، وقول أحمد ، ولم ير ذلك حراما ، ولا موجبا لفدية . قال ابن عمر : سمعت الأثرم يسأل عن المحرم يستظل على المحمل ؟ قال : لا . أبا عبد الله
وذكر حديث : اضح لمن أحرمت له . قيل له : فإن فعل يهريق دما ؟ قال : أما الدم فلا . قيل : فإن أهل ابن عمر المدينة يقولون : عليه دم . قال : نعم ، أهل المدينة يغلطون فيه .
وقد روي ذلك عن ، وهو اختيار أحمد ; لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبا ، فأشبه ما لو ستره بشيء يلاقيه . ويروى عن الخرقي الرياشي قال : رأيت أحمد بن المعذل في الموقف ، في يوم حر شديد ، وقد ضحى [ ص: 143 ] للشمس ، فقلت له : يا أبا الفضل : هذا أمر قد اختلف فيه ، فلو أخذت بالتوسعة . فأنشأ يقول :
ضحيت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصا
فوا أسفا إن كان سعيك باطلا ويا حسرتا إن كان حجك ناقصا