[ ص: 203 ] باب نذكر في هذا الباب صفة الحج ، بعد حل المتمتع من عمرته ، ونبدأ بذكر حديث صفة الحج في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم ونقتصر منه على ما يختص بهذا الباب ، وقد ذكرنا بعضه مفرقا في الأبواب الماضية ، وهو حديث جامع صحيح ، رواه جابر ، مسلم وأبو داود ، ، عن وابن ماجه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن ، ذكر الحديث ، قال : { جابر منى ، فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى بطن الوادي ، فخطب الناس ، وقال : إن دماءكم وأموالكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد ، فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ، ربا ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله ، وأنتم تسألون عني ، فما أنتم قائلون ؟ . قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، ونصحت . فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ، وينكبها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ثلاث مرات ، ثم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى عباس بن عبد المطلب الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، فاستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف خلفه ، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام ، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : أيها الناس ، السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى أسامة المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء ، بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر ، فصلى الصبح حين تبين له الصبح ، بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء ، حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعا الله وكبره وهلله ووحده ، ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف ، وكان رجلا حسن الشعر ، أبيض ، وسيما ، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين ، فطفق الفضل بن عباس الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر ، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، فصرف [ ص: 204 ] وجهه من الشق الآخر ينظر ، حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلا ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف ، رمى من بطن الوادي ، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ، ثم أعطى فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر ، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت ، فصلى عليا بمكة الظهر ، فأتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم ، فقال : انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم . فناولوه دلوا ، فشرب منه } . قال فحل الناس كلهم ، وقصروا ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي ، فلما كان يوم التروية ، توجهوا إلى : كان منزل النبي صلى الله عليه وسلم عطاء بمنى بالخيف .