( 2558 ) مسألة : قال : ( وإن كان متمتعا ، فيطوف بالبيت سبعا ، وبالصفا والمروة سبعا ، كما فعل للعمرة ، ثم يعود فيطوف بالبيت طوافا ينوي به الزيارة ، وهو قوله عز وجل : { وليطوفوا بالبيت العتيق } . ) أما الطواف الأول ، الذي ذكره هاهنا ، فهو الخرقي ; لأن المتمتع لم يأت به قبل ذلك ، والطواف الذي طافه في العمرة كان طوافها ، ونص طواف القدوم على أنه مسنون للمتمتع ، في رواية أحمد ، قال : قلت الأثرم رحمه الله : فإذا رجع إلى لأبي عبد الله منى أعني المتمتع كم يطوف ويسعى ؟ قال : يطوف ويسعى لحجه ، ويطوف طوافا آخر [ ص: 228 ] للزيارة .
عاودناه في هذا غير مرة ، فثبت عليه . وكذلك الحكم في مكة قبل يوم النحر ، ولا طافا للقدوم ، فإنهما يبدآن بطواف القدوم قبل طواف الزيارة . نص عليه القارن والمفرد ، إذا لم يكونا أتيا أيضا ، واحتج بما روت أحمد عائشة ، قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة ، وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، فطافوا طوافا ، آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة ، فإنما طافوا طوافا واحدا . فحمل قول أحمد عائشة على أن طوافهم لحجهم هو طواف القدوم ، ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع ، فلم يكن تعين طواف الزيارة مسقطا له ، كتحية المسجد عند دخوله ، قبل التلبس بصلاة الفرض ، ولا أعلم أحدا وافق على هذا الطواف الذي ذكره أبا عبد الله ، بل المشروع طواف واحد للزيارة ، كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة ، فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد . الخرقي
ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع ، ولا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ، وحديث دليل على هذا ، فإنها قالت : طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من عائشة منى لحجهم . وهذا هو طواف الزيارة ، ولم تذكر طوافا آخر ، ولو كان هذا الذي ذكرته طواف القدوم ، لكانت قد أخلت بذكر طواف الزيارة ، الذي هو ركن الحج ، لا يتم الحج إلا به ، وذكرت ما يستغنى عنه ، وعلى كل حال فما ذكرت إلا طوافا واحدا ، فمن أين يستدل به على طوافين ؟ وأيضا فإنها لما حاضت ، فقرنت الحج إلى العمرة ، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن طافت للقدوم لم تطف للقدوم ، ولا أمرها به النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر في موضع آخر ، في المرأة إذا حاضت فخشيت فوات الحج ، أهلت بالحج ، وكانت قارنة ، ولم يكن عليها قضاء طواف القدوم . ولأن طواف القدوم لو لم يسقط بالطواف الواجب ، لشرع في حق المعتمر طواف للقدوم مع طواف العمرة ، لأنه أول قدومه إلى البيت ، فهو به أولى من المتمتع ، الذي يعود إلى البيت بعد رؤيته وطوافه به ، وفي الجملة إن هذا الطواف المختلف فيه ليس بواجب ، وإنما الواجب طواف واحد ، وهو طواف الزيارة ، وهو في حق المتمتع كهو في حق القارن والمفرد ، في أنه ركن الحج ، لا يتم إلا به ، ولا بد من تعيينه بالنية ، فلو نوى به طواف الوداع أو غيره ، لم يجزه . الخرقي