( 2600 ) الفصل الثاني ، في وهي خمسة ; الأول ، أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ، فإن أحرم بها في غير أشهره ، لم يكن متمتعا ، سواء وقعت أفعالها في أشهر الحج ، أو في غير أشهره . نص عليه الشروط التي يجب الدم على من اجتمعت فيه ، . أحمد
قال : سمعت الأثرم ، سئل عمن أهل بعمرة في غير أشهر الحج ، ثم قدم في شوال ، أيحل من عمرته في شوال ، أو يكون متمتعا ؟ فقال : لا يكون متمتعا . واحتج بحديث أبا عبد الله ، وذكر إسناده عن جابر ، أنه سمع أبي الزبير يسأل عن امرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى ، ثم تحل إلا ليلة واحدة ، ثم تحيض ؟ قال : لتخرج ، ثم لتهل بعمرة ، ثم لتنتظر حتى تطهر ، ثم لتطف جابر بن عبد الله بالبيت . قال : فجعل عمرتها في الشهر الذي أهلت فيه ، لا في الشهر الذي حلت فيه . ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة ، وحل منها قبل أشهر الحج ، أنه لا يكون متمتعا ، إلا قولين شاذين ، أحدهما عن أبو عبد الله ، أنه قال : إذا اعتمرت في غير أشهر الحج ، ثم أقمت حتى الحج ، فأنت متمتع . والثاني عن طاوس الحسن ، أنه قال : من اعتمر بعد النحر ، فهي متعة .
قال : : لا نعلم أحدا قال بواحد من هذين القولين . فأما إن ابن المنذر ، فذهب أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج ، ثم حل منها في أشهر الحج أنه لا يكون متمتعا . ونقل معنى ذلك عن أحمد ، جابر وأبي عياض . وهو قول إسحاق ، وأحد قولي . الشافعي
وقال : عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم . وقال طاوس الحسن ، والحكم ، ، وابن شبرمة ، والثوري في أحد قوليه : عمرته في الشهر الذي يطوف فيه . والشافعي
وقال : عمرته في الشهر الذي يحل فيه . وهو قول عطاء . وقال مالك : إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحج ، فليس بمتمتع . وإن طاف الأربعة في أشهر الحج ، فهو متمتع ; لأن العمرة صحت في أشهر الحج ; بدليل أنه لو وطئ أفسدها ، أشبه إذا أحرم بها في أشهر الحج . أبو حنيفة
ولنا ، ما ذكرنا عن جابر ، ولأنه أتى بنسك لا تتم العمرة إلا به في غير أشهر الحج ، فلم يكن متمتعا ، كما لو طاف . ويخرج عليه ما قاسوا عليه . الثاني ، أن يحج من عامه ، فإن اعتمر في أشهر الحج ، ولم يحج ذلك العام ، بل حج من العام القابل ، فليس بمتمتع . لا نعلم فيه خلافا ، إلا قولا شاذا عن الحسن ، في من اعتمر في أشهر الحج ، فهو متمتع ، حج أو لم يحج . والجمهور على خلاف هذا ; لأن الله تعالى قال : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي . } [ ص: 245 ]
وهذا يقتضي الموالاة بينهما ، ولأنهم إذا أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ، ثم حج من عامه ذلك ، فليس بمتمتع ، فهذا أولى من التباعد بينهما أكثر . الثالث ، أن لا يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر في مثله الصلاة . نص عليه .
وروي ذلك عن ، عطاء والمغيرة المديني ، وإسحاق . وقال : إن رجع إلى الميقات ، فلا دم عليه . وقال أصحاب الرأي : إن رجع إلى مصره ، بطلت متعته ، وإلا فلا . وقال الشافعي : إن رجع إلى مصره ، أو إلى غيره أبعد من مصره ، بطلت متعته ، وإلا فلا . مالك
وقال الحسن : هو متمتع وإن رجع إلى بلده . واختاره ; لعموم قوله تعالى : { ابن المنذر فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } . ولنا ، ما روي عن رضي الله عنه أنه قال : إذا اعتمر في أشهر الحج ، ثم أقام ، فهو متمتع . فإن خرج ورجع ، فليس بمتمتع . وعن عمر نحو ذلك . ولأنه إذا رجع إلى الميقات ، أو ما دونه ، لزمه الإحرام منه ، فإن كان بعيدا فقد أنشأ سفرا بعيدا لحجه ، فلم يترفه بأحد السفرين ، فلم يلزمه دم ، كموضع الوفاق . والآية تناولت المتمتع ، وهذا ليس بمتمتع ; بدليل قول ابن عمر . عمر
الرابع ، أن يحل من إحرام العمرة قبل إحرامه بالحج ، فإن أدخل الحج على العمرة قبل حله منها ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والذين كان معهم الهدي من أصحابه ، فهذا يصير قارنا ، ولا يلزمه دم المتعة . قالت : { عائشة مكة وأنا حائض ، لم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ، ودعي العمرة . قالت : ففعلت ، فلما قضينا الحج ، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فاعتمرت معه ، فقال : هذه مكان عمرتك . قال عروة : فقضى الله حجها وعمرتها ، ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة } . متفق عليه . ولكن عليه دم للقران ; لأنه صار قارنا ، وترفه بسقوط أحد السفرين . خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة ، فقدمت
وقول عروة : لم يكن في ذلك هدي . يحتمل أنه أراد لم يكن فيه هدي للمتعة ، إذ قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه بقرة بينهن . الخامس ، أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام . ولا خلاف بين أهل العلم ، في أن دم المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام ، إذ قد نص الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه : { المسجد الحرام ذلك لمن لم يكن أهله حاضري } . ولأن حاضر المسجد الحرام ميقاته مكة ، فلم يحصل له الترفه بأحد السفرين ، ولأنه أحرم بالحج من ميقاته ، فأشبه المفرد .