( 2616 ) مسألة : قال : ( والمرأة إذا دخلت متمتعة ، فحاضت ، فخشيت فوات الحج ، أهلت بالحج ، وكانت قارنة ، ولم يكن عليها قضاء طواف القدوم ) وجملة ذلك أن ، لم يكن لها أن تطوف المتمتعة إذا حاضت قبل الطواف للعمرة بالبيت ; لأن الطواف بالبيت صلاة ، ولأنها ممنوعة من دخول المسجد ، ولا يمكنها أن تحل من عمرتها ما لم تطف بالبيت . فإن خشيت فوات الحج أحرمت بالحج مع عمرتها ، وتصير قارنة .
وهذا قول ، مالك والأوزاعي ، ، وكثير من أهل العلم . وقال والشافعي : ترفض العمرة ، وتهل بالحج . قال أبو حنيفة : قال أحمد قد رفضت العمرة فصار حجا ، وما قال هذا أحد غير أبو حنيفة . واحتج بما روى أبي حنيفة عروة ، عن ، قالت : { عائشة مكة وأنا حائض ، لم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ، ودعي العمرة . قالت : ففعلت . فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فاعتمرت معه . فقال : هذه عمرة مكان عمرتك } . متفق عليه . أهللنا بعمرة ، فقدمت
وهذا يدل على أنها رفضت عمرتها ، وأحرمت بحج من وجوه ثلاثة ; أحدها ، قوله : " دعي عمرتك " . والثاني ، قوله : " وامتشطي " . والثالث ، قوله : " هذه عمرة مكان عمرتك " . ولنا ، ما روى { ، قال : أقبلت جابر بعمرة ، حتى إذا كانت عائشة بسرف عركت ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ، فوجدها تبكي ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : شأني أني قد حضت ، وقد حل الناس ، ولم أحل ، ولم أطف عائشة بالبيت ، والناس يذهبون إلى الحج الآن . فقال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ، ثم أهلي بالحج ففعلت ، ووقفت المواقف ، حتى إذا طهرت ، طافت بالكعبة ، وبالصفا والمروة . ثم قال : قد حللت من حجك وعمرتك . قالت : يا رسول الله ، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت . قال : فاذهب بها يا عبد الرحمن ، فأعمرها من التنعيم . }
وروى ، عن طاوس ، { عائشة عبد الرحمن بن أبي بكر ، فأعمرها من التنعيم } . رواهما أنها قالت : أهللت بعمرة ، فقدمت ولم أطف حتى حضت ، ونسكت المناسك كلها ، وقد أهللت بالحج . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر : يسعك طوافك لحجك وعمرتك . فأبت ، فبعث معها . وهما يدلان على ما [ ص: 252 ] ذكرنا جميعه ولأن إدخال الحج على العمرة جائز بالإجماع من غير خشية الفوات ، فمع خشية الفوات أولى . مسلم
قال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، أن لمن أهل بعمرة أن يدخل عليها الحج ، ما لم يفتتح الطواف ابن المنذر بالبيت . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي في حجة الوداع ، أن يهل بالحج مع العمرة ، ومع إمكان الحج مع بقاء العمرة لا يجوز رفضها ; لقول الله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } . ولأنها متمكنة من إتمام عمرتها بلا ضرر ، فلم يجز رفضها ، كغير الحائض . فأما حديث عروة ، فإن قوله : " انقضي رأسك ، وامتشطي ، ودعي العمرة " . انفرد به عروة ، وخالف به سائر من روى عن حين حاضت ، وقد روي عن عائشة ، طاوس والقاسم ، والأسود ، وعمرة ، ولم يذكروا ذلك . وحديث وعائشة ، جابر مخالفان لهذه الزيادة . وطاوس
وقد روى ، عن حماد بن زيد ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، حديث حيضها ، فقال فيه : حدثني غير واحد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : " دعي العمرة ، وانقضي رأسك ، وامتشطي " . وذكر تمام الحديث . عائشة
وهذا يدل على أن عروة لم يسمع هذه الزيادة من ، وهو مع ما ذكرنا من مخالفته بقية الرواة ، يدل على الوهم ، مع مخالفتها الكتاب والأصول ، إذ ليس لنا موضع آخر يجوز فيه رفض العمرة مع إمكان إتمامها ، ويحتمل أن قوله : " دعي العمرة " . أي دعيها بحالها ، وأهلي بالحج معها ، أو دعي أفعال العمرة ، فإنها تدخل في أفعال الحج . عائشة
وأما إعمارها من التنعيم ، فلم يأمرها به النبي صلى الله عليه وسلم وإنما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت . قال : " فاذهب بها يا عبد الرحمن ، فأعمرها من التنعيم " . وروى ، بإسناده عن الأثرم الأسود ، عن عائشة ، قلت : اعتمرت بعد الحج ؟ قالت : والله ما كانت عمرة ، ما كانت إلا زيارة زرت البيت ، إنما هي مثل نفقتها . قال : إنما أعمر النبي صلى الله عليه وسلم أحمد حين ألحت عليه ، فقالت : يرجع الناس بنسكين ، وأرجع بنسك ، فقال : " يا عائشة عبد الرحمن ، أعمرها " . فنظر إلى أدنى الحرم ، فأعمرها منه .
وقول : " ولم يكن عليها قضاء طواف القدوم " . وذلك لأن طواف القدوم سنة لا يجب قضاؤها ، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخرقي بقضائه ، ولا فعلته هي . عائشة