( 5264 ) الفصل الخامس : أنه وهذا اختاره يرجع بما غرمه على من غره ، في المهر وقيمة الأولاد . ، ورواية عن الخرقي قال أحمد كذلك قضى ابن المنذر ، عمر ، وعلي وبه قال وابن عباس في القديم . والرواية الأخرى : لا يرجع بالمهر . وهو اختيار الشافعي أبي بكر قال : وهو قول وبه قال علي ، الثوري ، وأبو ثور وأصحاب الرأي ، في الجديد ; لأنه وجب عليه في مقابلة نفع وصل إليه وهو الوطء ، فلم يرجع به ، كما لو اشترى مغصوبا فأكله ، بخلاف قيمة الولد ، فإنها لم تحصل في مقابلة عوض ; لأنها وجبت بحرية الولد ، وحرية الولد للولد لا لأبيه . والشافعي
قال : والمذهب أنه يرجع بالمهر ; لأن القاضي قال : كنت أذهب إلى حديث أحمد ، ثم كأني هبته ، وكأنى أميل إلى حديث علي يعني في الرجوع . ولأن العاقد ضمن له سلامة الوطء ، كما ضمن له سلامة الولد ، فكما يرجع عليه بقيمة الولد كذلك يرجع بالمهر . قال : وعلى هذا الأصل يرجع بأجرة الخدمة إذا غرمها ، كما يرجع بالمهر ، ولا أعرف عن أصحابنا بينهما فرقا عمر
إذا ثبت هذا ، فإن كان الغرور من السيد فقال : هي حرة . عتقت . وإن كان بلفظ غير هذا ، لم تثبت به الحرية ، فلا شيء له ; لأنه لا فائدة في أن يجب له ما يرجع به عليه . وإن كان الغرور من وكيله ، رجع عليه في الحال . وإن كان من أجنبي ، رجع عليه أيضا . وإن كان منها ، فليس لها في الحال مال ، فيتخرج فيها وجهان بناء على دين العبد بغير إذن سيده ، هل يتعلق برقبته أو بذمته يتبع به بعد العتق ؟ قال [ ص: 53 ] : قياس قول القاضي أنه يتعلق بذمتها ; لأنه قال في الأمة إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها : يتبعها به إذا عتقت الخرقي
كذا هاهنا ، ويتبعها بجميعه .
وظاهر كلام ، أن أحمد لم يرجع على أحد ، فإنه قال : إذا جاءت الأمة فقالت : إني حرة . فولت أمرها رجلا ، فزوجها من رجل ، ثم ظهر عليها مولاها ، قال : فكاك ولده على الأب ; لأنه لم يغره أحد . وأما الغرور إذا كان من الأمة ، فالفداء على من غره . يروى هذا عن إذا غره رجل ، فزوجها على أنها حرة ، ، علي وإبراهيم وحماد وكذلك قال الشعبي وإن قلنا : يتعلق برقبتها . فالسيد مخير بين فدائها بقيمتها إن كانت أقل مما يرجع به عليها ، أو يسلمها ، فإن اختار فداءها بقيمتها ، سقط قدر ذلك عن الزوج ، فإنه لا فائدة في أن نوجبه عليه ثم نرده إليه . وإن اختار تسليمها ، سلمها ، وأخذ ما وجب له . وذكر أن الغرور الموجب للرجوع أن يكون اشتراط الحرية مقارنا للعقد ، فيقول : زوجتكها على أنها حرة . فإن لم تكن كذلك ، لم تملك الفسخ . وهذا مذهب القاضي الشافعي
والصحيح خلاف هذا ، فإن الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يفرقوا بين أنواع الغرور ، ولم يستفصلوا ، والظاهر أن العقد لم يقع هكذا ، ولم تجر العادة به في العقود ، فلا يجوز حمل قضائهم المطلق على صورة نادرة لم تنقل ; ولأن الغرور قد يكون من المرأة ، ولا لفظ لها في العقد ; ولأنه متى أخبره بحريتها ، أو أوهمه ذلك بقرائن تغلب على ظنه حريتها ، فنكحها على ذلك ، ورغب فيها بناء عليه ، وأصدقها صداق الحرائر ، ثم لزمه الغرم ، فقد استضر بناء على قول المخبر له والغار ، فتجب إزالة الضرر عنه ، بإثبات الرجوع على من غره وأضر به
فعلى هذا إن كان الغرور من اثنين أو أكثر ، فالرجوع على جميعهم ، وإن كان الغرر منها ومن الوكيل ، فعلى كل واحد منهما نصفه . والله أعلم .