( 5755 ) مسألة ; قال : ( في إحدى الروايتين ، والأخرى أنه تطليقة بائنة ) . اختلفت الرواية عن والخلع فسخ ، في الخلع ; ففي إحدى الروايتين أنه فسخ . وهذا اختيار أحمد وقول أبي بكر ابن عباس وطاوس وعكرمة وإسحاق وأحد قولي وأبي ثور والرواية الثانية ، أنه طلقة بائنة . روي ذلك عن الشافعي سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وقبيصة ، [ ص: 250 ] وشريح ومجاهد وأبي سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي والزهري وابن أبي نجيح ، ومكحول ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي .
وقد روي عن عثمان وعلي لكن ضعف وابن مسعود الحديث عنهم ، وقال : ليس لنا في الباب شيء أصح من حديث أحمد أنه فسخ . واحتج ابن عباس بقوله تعالى : { ابن عباس الطلاق مرتان } ثم قال : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ثم قال : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فذكر تطليقتين والخلع وتطليقة بعدها ، فلو كان الخلع طلاقا لكان أربعا ، ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته ، فكانت فسخا كسائر الفسوخ .
ووجه الثانية أنها بذلت العوض للفرقة ، والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ ، فوجب أن يكون طلاقا ، ولأنه أتى بكناية الطلاق ، قاصدا فراقها ، فكان طلاقا ، كغير الخلع . وفائدة الروايتين ، أنا إذا قلنا : هو طلقة . فخالعها مرة ، حسبت طلقة . فنقص ، بها عدد طلاقها . وإن خالعها ثلاثا طلقت ثلاثا ، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره . وإن قلنا : هو فسخ . لم تحرم عليه ، وإن خالعها مائة مرة . وهذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق ، ولم ينوه .
فأما إن بذلت له العوض على فراقها ، فهو طلاق ، لا اختلاف فيه ، وإن وقع بغير لفظ الطلاق ، مثل كنايات الطلاق ، أو لفظ الخلع والمفاداة ، ونحوهما ، ونوى به الطلاق ، فهو طلاق أيضا ; لأنه كناية نوى الطلاق ، فكانت طلاقا ، كما لو كان بغير عوض ، فإن لم ينو به الطلاق ، فهو الذي فيه الروايتان . والله أعلم .