( 5891 ) مسألة ; قال : وجملة الأمر أن لفظة التخيير لا تقتضي بمطلقها أكثر من تطليقة رجعية . قال ( وليس لها أن تختار من واحدة ، إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك ) هذا قول أحمد ، ابن عمر ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وعمر وعائشة رضي الله عنهم . وروي ذلك عن ، جابر . وقال وعبد الله بن عمر : هي واحدة بائن . وهو قول أبو حنيفة ، لأن اختيارها نفسها يقتضي زوال سلطانه عنها ، ولا يكون إلا بالبينونة . وقال ابن شبرمة : هي ثلاث في المدخول بها ; لأن المدخول بها لا تبين بأقل من ثلاث ، إلا أن تكون بعوض . ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، فإن من سمينا منهم قالوا : إن اختارت نفسها ، فهي واحدة ، وهو أحق بها . رواه مالك النجاد عنهم بأسانيده .
ولأن قوله : اختاري تفويض مطلق ، فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم ، وذلك طلقة واحدة ، ولا يجوز أن تكون بائنا ; لأنها طلقة بغير عوض ، لم يكمل بها العدد بعد الدخول ، فأشبه ما لو طلقها واحدة . ويخالف قوله : أمرك بيدك ، فإنه للعموم ، فإنه اسم جنس ، فيتناول جميع أمرها ، لكن إن جعل إليها أكثر من ذلك ، فلها ما جعل إليها ، سواء جعله بلفظه ، مثل أن يقول : اختاري ما شئت . أو اختاري الطلقات الثلاث إن شئت . فلها أن تختار ذلك . فإن قال : اختاري من الثلاث ما شئت . فلها أن تختار واحدة أو اثنتين ، وليس لها اختيار الثلاث بكمالها ; لأن من للتبعيض ، فقد جعل لها اختيار بعض الثلاث ، فلا يكون لها اختيار الجميع ، أو جعله نيته ، وهو أن ينوي بقوله : اختاري . عددا ، فإنه يرجع إلى ما نواه ; لأن قوله : اختاري كناية خفية ، فيرجع في قدر ما يقع بها إلى نيته ، كسائر الكنايات الخفية ، فإن نوى ثلاثا ، أو اثنتين ، أو واحدة ، فهو على ما نوى ، وإن [ ص: 314 ] أطلق النية ، فهي واحدة ، وإن نوى ثلاثا ، فطلقت أقل منها ، وقع ما طلقته ; لأنه يعتبر قولهما جميعا ، فيقع ما اجتمعا عليه ، كالوكيلين إذا طلق واحد منهما واحدة والآخر ثلاثا .