[ ص: 15 ] فصل : وإذا لزمهم ضمان ما أتلفوه ، سواء تحيزوا ، أو صاروا في منعة ، أو لم يصيروا . ذكره ارتد قوم فأتلفوا مالا للمسلمين ، أبو بكر . قال : وهو ظاهر كلام القاضي . وقال أحمد : حكمهم حكم أهل البغي ، فيما أتلفوه من الأنفس والأموال ; لأن تضمينهم ، يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الإسلام ، فأشبهوا أهل البغي . ولنا ، ما روي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال لأهل الردة ، حين رجعوا : تردون علينا ما أخذتم منا ، ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم ، وأن تدوا قتلانا ، ولا ندي قتلاكم . قالوا : نعم يا خليفة رسول الله . فقال أبي بكر : كل ما قلت كما قلت ، إلا أن يدوا ما قتل منا ، فلا ; لأنهم قوم قتلوا في سبيل الله واستشهدوا . ولأنهم أتلفوه بغير تأويل ، فأشبهوا عمر أهل الذمة .
فأما القتلى ، فحكمهم فيهم حكم أهل البغي ; لما ذكرنا من خبر أبي بكر ، ولأن وعمر قتل طليحة الأسدي ، عكاشة بن محصن الأسدي وثابت بن أثرم ، فلم يغرمهما ، وبنو حنيفة قتلوا من قتلوا من المسلمين يوم اليمامة ، فلم يغرموا شيئا . ويحتمل أن يحمل قول ، وكلامه في المال ، على وجوب رد ما في أيديهم دون ما أتلفوه ، وعلى من أتلف من غير أن يكون له منعة ، أو أتلف في غير الحرب ، وما أتلفوه حال الحرب ، فلا ضمان عليهم فيه ; لأنه إذا سقط ذلك عن أهل البغي ، كي لا يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة ، فلأن يسقط ذلك كي لا يؤدي إلى التنفير عن الإسلام أولى ، لأنهم إذا امتنعوا صاروا كفارا ممتنعين بدارهم ، فأشبهوا أهل الحرب . ويحمل قول أحمد على ما بقي في أيديهم من المال ، فيكون مذهب أبي بكر ومذهب أحمد في هذا سواء . وهذا أعدل وأصح . إن شاء الله تعالى . الشافعي
فأما من لا منعة له فيضمن ما أتلف من نفس ومال ، كالواحد من المسلمين ، أو أهل الذمة ; لأنه لا منعة له ، ولا يكثر ذلك منه ، فبقي المال والنفس بالنسبة إليه على عصمته ، ووجوب ضمانه . والله أعلم .