[ ص: 92 ] مسألة : قال : ( ومن قتل ، أو أتى حدا في الحرم ، أقيم عليه في الحرم . ) وجملته أن من الحرم ، بجناية فيه توجب حدا أو قصاصا فإنه يقام عليه حدها ، لا نعلم فيه خلافا . وقد روى انتهك حرمة ، بإسناده عن الأثرم ، أنه قال : من أحدث حدثا في ابن عباس الحرم ، أقيم عليه ما أحدث فيه من شيء . وقد أمر الله تعالى بقتال من قاتل في الحرم . فقال تعالى : { المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم ولا تقاتلوهم عند } . فأباح قتلهم عند قتالهم في الحرم ; ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن ارتكاب المعاصي كغيرهم ، حفظا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، فلو لم يشرع الحد في حق من ارتكب الحد في الحرم ، لتعطلت حدود الله تعالى في حقهم ، وفاتت هذه المصالح التي لا بد منها ، ولا يجوز الإخلال بها ; ولأن الجاني في الحرم هاتك لحرمته ، فلا ينتهض الحرم لتحريم ذمته وصيانته ، بمنزلة الجاني في دار الملك ، لا يعصم لحرمة الملك ، بخلاف الملتجئ إليها بجناية صدرت منه في غيرها .