الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            وأما العبد إذا سرق من مال سيده ، فلا قطع عليه ، في قولهم ، جميعا ، ووافقهم أبو ثور فيه . وحكي عن داود أنه يقطع ; لعموم الآية . ولنا ما روى السائب بن يزيد قال : شهدت عمر بن الخطاب ، وقد جاءه عبد الله بن عمرو بن الحضرمي بغلام له ، فقال : إن غلامي هذا سرق ، فاقطع يده . فقال عمر : ما سرق ؟ قال : سرق مرآة امرأتي ، ثمنها ستون درهما . فقال : أرسله ، لا قطع عليه ، خادمكم أخذ متاعكم . ولكنه لو سرق من غيره قطع . وفي لفظ قال : مالكم سرق بعضه بعضا ، لا قطع عليه . رواه سعيد . وعن ابن مسعود ، أن رجلا جاءه ، فقال : عبد لي سرق قباء لعبد لي آخر . فقال : لا قطع ، مالك سرق مالك . وهذه قضايا تشتهر ، ولم يخالفها أحد ، فتكون إجماعا ، وهذا يخص عموم الآية ; ولأن هذا إجماع من أهل العلم ; لأنه قول من سمينا من الأئمة ، ولم يخالفهم في عصرهم أحد ، فلا يجوز خلافه بقول من بعدهم ، كما لا يجوز ترك إجماع الصحابة بقول واحد من التابعين ( 7301 ) فصل : والمدبر ، وأم الولد ، والمكاتب ، كالقن في هذا . وبه قال الثوري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            ولا يقطع سيد المكاتب بسرقة ماله ; لأنه عبد ما بقي عليه درهم . وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله ، لا يقطع عبده بسرقة ماله ، كآبائه ، وأولاده ، وغيرهم . وهذا قول أصحاب الرأي ، والشافعي ، كل على أصله . وقال أبو ثور : يقطع بسرقة مال من عدا سيده . ونحوه قول مالك ، وابن المنذر . ولنا حديث عمر رضي الله عنه ; ولأن مالهم ينزل منزلة ماله في قطعه ، فكذلك في قطع عبده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية