( 7326 ) مسألة : قال : ( ونفيهم أن يشردوا ، فلا يتركوا يأوون في بلد ) وجملته أن ، فإنهم ينفون من الأرض ; لقول الله تعالى : { المحاربين إذا أخافوا السبيل ، ولم يقتلوا ، ولم يأخذوا مالا أو ينفوا من الأرض } ويروى عن ، أن النفي يكون في هذه الحالة ، وهو قول ابن عباس ، النخعي ، وقتادة وعطاء الخراساني . والنفي هو تشريدهم عن الأمصار والبلدان ، فلا يتركون يأوون بلدا . ويروى نحو هذا عن الحسن والزهري . وعن : أنه ينفى من بلده إلى بلد غيره ، كنفي الزاني . وبه قال طائفة من أهل العلم ابن عباس
. قال : كان منفى الناس إلى أبو الزناد باضع ، من أرض الحبشة ، وذلك أقصى تهامة اليمن . وقال : يحبس في البلد الذي ينفى إليه ، كقوله في الزاني . وقال مالك : نفيه حبسه حتى يحدث توبة . ونحو هذا قال أبو حنيفة ، فإنه قال في هذه الحال : يعزرهم الإمام ، وإن رأى أن يحبسهم حبسهم . وقيل عنه : النفي طلب الإمام لهم ليقيم فيهم حدود الله تعالى . وروي ذلك عن الشافعي . وقال ابن عباس ابن سريج : يحبسهم في غير بلدهم . وهذا مثل قول . وهذا أولى ; لأن تشريدهم إخراج لهم إلى مكان يقطعون فيه الطريق ، ويؤذون به الناس ، فكان حبسهم أولى . وحكى مالك عن أبو الخطاب ، رواية أخرى ، معناها أن نفيهم طلب الإمام لهم ، فإذا ظفر بهم عزرهم بما يردعهم . أحمد
ولنا ظاهر الآية ، فإن النفي الطرد والإبعاد ، والحبس إمساك ، وهما يتنافيان . فأما نفيهم إلى غير مكان معين ، فلقوله سبحانه : { أو ينفوا من الأرض } . وهذا يتناول نفيه من جميعها . وما ذكروه يبطل بنفي الزاني ، فإنه ينفى إلى مكان يحتمل أن يوجد منه الزنا فيه . ولم يذكر أصحابنا قدر مدة نفيهم ، فيحتمل أن تتقدر مدته بما تظهر فيه توبتهم ، وتحسن سيرتهم . ويحتمل أن ينفوا عاما ، كنفي الزاني .