( 7527 ) مسألة ; قال : وإذا سبوا ، لم يفرق بين الوالد وولده ، ولا بين الوالدة وولدها أجمع أهل العلم على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل  غير جائز . هذا قول  مالك  في أهل المدينة  ، والأوزاعي  في أهل الشام  ،  والليث  في أهل مصر  ،  والشافعي  ،  وأبي ثور  ، وأصحاب الرأي فيه . 
والأصل فيه ما روى  أبو أيوب  ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من فرق بين والدة وولدها ، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة   } . أخرجه الترمذي  ، وقال : حديث حسن غريب . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا توله والدة عن ولدها   } . قال  أحمد    : لا يفرق بين الأم وولدها وإن رضيت . 
وذلك والله أعلم لما فيه من الإضرار بالولد ، ولأن المرأة قد ترضى بما فيه ضررها ، ثم يتغير  [ ص: 213 ] قلبها بعد ذلك فتندم . لا يجوز التفريق بين الأب وولده . وهذا قول أصحاب الرأي ، ومذهب  الشافعي    . وقال بعض أصحابه : يجوز . وهو قول  مالك  ،  والليث    ; لأنه ليس من أهل الحضانة بنفسه ، ولأنه لا نص فيه ، ولا هو في معنى المنصوص عليه ، لأن الأم أشفق منه . ولنا ، أنه أحد الأبوين ، فأشبه الأم ، ولا نسلم أنه ليس من أهل الحضانة . وظاهر كلام  الخرقي  ، أنه لا فرق بين كون الولد كبيرا بالغا أو طفلا . 
وهذه إحدى الروايتين عن  أحمد    ; لعموم الخبر ، ولأن الوالدة تتضرر بمفارقة ولدها الكبير ، ولهذا حرم عليه الجهاد بدون إذنهما . والرواية الثانية ، يختص تحريم التفريق بالصغير    . وهو قول أكثر أهل العلم ; منهم  سعيد بن عبد العزيز  ،  ومالك  ، والأوزاعي  ،  والليث  ،  وأبو ثور    . 
وهو قول  الشافعي    ; لأن  سلمة بن الأكوع  أتى بامرأة وابنتها ، فنفله أبو بكر  ابنتها ، فاستوهبها منه النبي صلى الله عليه وسلم فوهبها له ، ولم ينكر التفريق بينهما . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أهديت إليه مارية  وأختها سيرين  ، فأمسك مارية  ، ووهب سيرين   لحسان بن ثابت    . ولأن الأحرار يتفرقون بعد الكبر ، فإن المرأة تزوج ابنتها ، فالعبيد أولى . وبما ذكرناه يتخصص عموم حديث النهي . واختلفوا في حد الكبر الذي يجوز معه التفريق  ، فروي عن  أحمد    : يجوز التفريق بينهما إذا بلغ الولد . 
وهو قول  سعيد بن عبد العزيز  ، وأصحاب الرأي ، وقول  الشافعي    . وقال  مالك    : إذا أثغر . وقال الأوزاعي  ،  والليث    : إذا استغنى عن أمه ، ونفع نفسه . وقال  الشافعي  ، في أحد قوليه : إذا صار ابن سبع سنين أو ثمان سنين . وقال  أبو ثور    : إذا كان يلبس وحده ، ويتوضأ وحده ; لأنه إذا كان كذلك يستغني عن أمه ، وكذلك خير الغلام بين أمه وأبيه إذا صار كذلك . ولأنه جاز التفريق بينهما بتخييره ، فجاز بيعه وقسمته . 
ولنا ، ما روي عن  عبادة بن الصامت  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يفرق بين الوالدة وولدها . فقيل : إلى متى ؟ قال : حتى يبلغ الغلام ، وتحيض الجارية   } ولأن ما دون البلوغ مولى عليه ، فأشبه الطفل . 
( 7528 ) فصل : وإن فرق بينهما بالبيع ،  فالبيع فاسد . وبه قال  الشافعي    . وقال  أبو حنيفة    : يصح البيع ; لأن النهي لمعنى في غير المعقود عليه ، فأشبه البيع في وقت النداء . ولنا ، ما روى أبو داود  ، في " سننه " ، بإسناده عن  علي  رضي الله عنه أنه فرق بين الأم وولدها ، فنهاه رسول الله عن ذلك ، ورد البيع . 
والأصل ممنوع ، ولا يصح ما ذكروه ، فإنه نهى عنه لما يلحق المبيع من الضرر ، فهو لمعنى فيه . 
				
						
						
