( 7686 ) مسألة ; قال : ( ومن ، حل دمه وماله ) وجملة ذلك ، أنه ينبغي نقض العهد ، بمخالفة شيء مما صولحوا عليه عمر ، رضي الله عنه . للإمام عند عقد الهدنة أن يشترط عليهم شروطا ، نحو ما شرطه
وقد رويت عن رضي الله عنه ، في ذلك أخبار ، منها ما رواه عمر ، بإسناده عن الخلال ، قال : حدثنا غير واحد من أهل العلم ، قالوا : كتب أهل الجزيرة إلى إسماعيل بن عياش : إنا حين قدمنا من بلادنا ، طلبنا إليك الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا ، على أنا شرطنا لك على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا كنيسة ، ولا فيما حولها ديرا ، ولا قلاية ، ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب من كنائسنا ، ولا ما كان منها في خطط المسلمين ، ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا ، وأن لا نكتم أمر من غش المسلمين ، وأن لا نضرب نواقيسنا إلا ضربا خفيا في جوف كنائسنا ، ولا نظهر عليها صليبا ، ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ، ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون ، ولا نخرج صليبنا ولا كتابنا في سوق المسلمين ، وألا نخرج باعوثا ولا شعانين ، ولا نرفع أصواتنا مع أمواتنا ، ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين ، وأن لا نجاورهم بالخنازير ، ولا نبيع الخمور ، ولا نظهر شركا ، ولا نرغب في ديننا ، ولا ندعو إليه أحدا ، ولا نتخذ شيئا من الرقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين ، وأن لا نمنع أحدا من أقربائنا إذا أراد الدخول في الإسلام وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن لا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا في مواكبهم ، ولا نتكلم بكلامهم ، وإن لا نتكنى بكناهم ، وأن نجز مقادم رءوسنا ، ولا نفرق نواصينا ، ونشد الزنانير على أوساطنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نركب السروج ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله ، ولا نتقلد السيوف ، وأن نوقر المسلمين في مجالسهم ، ونرشد الطريق ، ونقوم لهم عن المجالس إذا أرادوا المجالس ، ولا نطلع عليهم في منازلهم ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، ولا يشارك أحد منا مسلما في تجارة ، إلا أن يكون إلى المسلم أمر التجارة ، وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام ، ونطعمه من أوسط ما نجد ، ضمنا ذلك على أنفسنا ، وذرارينا ، وأزواجنا ومساكننا ، وإن نحن غيرنا ، أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا ، وقبلنا الأمان عليه فلا ذمة لنا ، وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق . فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه فكتب لهم عمر بن الخطاب : أن أمض لهم ما سألوه ، وألحق فيه حرفين ، اشترط عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم أن لا يشتروا من سبايانا شيئا ، ومن ضرب مسلما عمدا ، فقد خلع عهده . فأنفذ عمر ذلك وأقر من أقام من عبد الرحمن بن غنم الروم في مدائن الشام على هذا الشرط . فهذه جملة شروط رضي الله عنه فإذا صولحوا عليها ، ثم نقض بعضهم شيئا منها ، فظاهر كلام عمر أن عهده ينتقض به . الخرقي
وهو ظاهر ما رويناه ; لقولهم في الكتاب : إن نحن [ ص: 283 ] خالفنا ، فقد حل لك منا ما يحل لك من أهل المعاندة والشقاق . وقال : ومن ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده . عمر
ولأنه عقد بشرط فمتى لم يوجد الشرط ، زال حكم العقد ، كما لو امتنع من التزام الأحكام . وذكر ، القاضي والشريف أبو جعفر ، أن ، وهو أحد عشر شيئا ; الامتناع من بذل الجزية ، وجري أحكامنا عليهم إذا حكم بها حاكم ، والاجتماع على قتال المسلمين ، والزنى بمسلمة وإصابتها باسم نكاح ، وفتن مسلم عن دينه ، وقطع الطريق عليه ، وقتله ، وإيواء جاسوس المشركين ، والمعاونة على المسلمين بدلالة المشركين على عوراتهم أو مكاتبتهم ، وذكر الله تعالى أو كتابه أو دينه أو رسوله بسوء ، فالخصلتان الأوليان ينتقض العهد بهما بلا خلاف في المذهب . وهو مذهب الشروط قسمان ; أحدهما ينتقض العهد بمخالفته . الشافعي
وفي معناهما قتالهم للمسلمين منفردين أو مع أهل الحرب ; لأن إطلاق الأمان يقتضي ذلك ، فإذا فعلوه نقضوا الأمان ; لأنهم إذا قاتلونا ، لزمنا قتالهم ، وذلك ضد الأمان ، وسائر الخصال فيها روايتان ; إحداهما ، أن العهد ينتقض بها ، سواء شرط عليهم ذلك أو لم يشترط . وظاهر مذهب قريب من هذا . إلا أن ما لم يشترط عليهم ، لا ينتقض العهد بتركه ، ما خلا الخصال الثلاث الأولى ، فإنه يتعين شرطها ، وينتقض العهد بتركها بكل حال . الشافعي
وقال : لا ينتقض العهد إلا بالامتناع من الإمام على وجه لا يتعذر معه أخذ الجزية منهم . ولنا ، مع ما ذكرناه ، ما روي أن أبو حنيفة رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا ، فقال : ما على هذا صالحناكم . وأمر به فصلب في عمر بيت المقدس . ولأن فيه ضررا على المسلمين ، فأشبه الامتناع من بذل الجزية . وكل موضع قلنا : لا ينتقض عهده . فإنه إن فعل ما فيه حد أقيم عليه حده أو قصاصه ، وإن لم يوجب حدا ، عزر ويفعل به ما ينكف به أمثاله عن فعله .
فإن أراد أحد منهم فعل ذلك كف عنه ، فإن مانع بالقتال نقض عهده . ومن حكمنا بنقض عهده منهم ، خير الإمام فيه بين أربعة أشياء ; القتل ، والاسترقاق ، والفداء ، والمن ، كالأسير الحربي ; لأنه كافر قدرنا عليه في دارنا بغير عهد ولا عقد ، ولا شبهة ذلك ، فأشبه اللص الحربي . ويختص ذلك به دون ذريته ; لأن النقض إنما وجد منه دونهم ، فاختص به ، كما لو أتى ما يوجب حدا أو تعزيرا .