( 7917 ) فصل : ; أحدها ، تسمى المبادرة ، وهو أن يقولا : من سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فهو السابق . فأيهما سبق إليها مع تساويهما في الرشق ، فقد سبق . والمناضلة على ثلاثة أضرب
فإذا رميا عشرة عشرة ، فأصاب أحدهما خمسا ، ولم يصب الآخر خمسا ، فالمصيب خمسا هو السابق ; لأنه قد سبق إلى خمس ، وسواء أصاب الآخر أربعا ، أو ما دونها ، أو لم يصب شيئا ، ولا حاجة إلى إتمام الرشق ; لأن السبق قد حصل بسبقه إلى ما شرطا السبق إليه ، وإن أصاب كل واحد منهما من العشر خمسا ، فلا سابق فيهما ولا يكملان الرشق ; لأن جميع الإصابة المشروطة قد حصلت ، واستويا فيها ، فإن رمى أحدهما عشرا فأصاب خمسا ، ورمى الآخر تسعا فأصاب أربعا ، لم يحكم بالسبق ولا بعدمه ، حتى يرمي العاشر ، فإن أخطأ به ، فقد سبق الأول ، وإن أصاب به ، فلا سابق فيهما .
وإن لم يكن أصاب من التسعة إلا ثلاثا ، فقد سبقه الأول ، ولا يحتاج إلى رمي العاشر ; لأن أكثر ما يحتمل أنه يصيب به ، ولا يخرجه ذلك عن كونه مسبوقا . الضرب الثاني ، أن يقول : أينا فضل صاحبه بإصابة أو إصابتين أو ثلاث من عشرين رمية ، فقد سبق . ويسمى مفاضلة ومحاطة ; لأن ما تساويا فيه من الإصابة محطوط غير معتد به . ويلزم إكمال الرشق ; إذا كان في إتمامه فائدة ، فإذا قالا : أينا فضل صاحبه بثلاث ، فهو سابق . فرميا اثنتي عشرة رمية ، فأصابها أحدهما ، وأخطأها الآخر كلها ، لم يلزم إتمام الرشق ; لأن أكثر ما يحتمل أن يصيب الآخر الثماني الباقية ، يحطها الأول ، ولا يخرج الأول بهذا عن كونه سابقا .
وإن كان الأول إنما أصاب من الاثنتي عشرة عشرا ، لزمهما أن يرميا الثالثة عشرة ، فإن أصاباها ، أو أخطآ ، أو أصابها الأول وحده . فقد سبق ، ولا يحتاج إلى إتمام الرشق ، فإن أصابها الآخر ، وأخطأها الأول ، فعليهما أن يرميا الرابعة عشرة ، والحكم فيها وفيما بعدها كالحكم في الثالثة عشرة ، وأنه متى أصاباها ، أو أخطآ ، أو أصابها الأول ، فقد سبق ، ولا يرميان ما بعدها . وإن أصابها الآخر وحده ، رميا ما بعدها .
وهكذا كل موضع كان في إتمام ، الرشق فائدة لأحدهما لزم إتمامه ، وإن يئس من الفائدة ، لم يلزم إتمامه ، فإذا بقي من العدد ما يمكن أن يسبق أحدهما به صاحبه ، أو يسقط أحدهما به سبق صاحبه ، لزم الإتمام ، وإلا فلا ، فإذا كان السبق يحصل بثلاث إصابات من عشرين ، فرميا ثماني عشرة ، فأخطآها ، أو أصاباها ، أو تساويا في الإصابة فيها ، لم يلزم إتمام الرشق لأن ; أكثر ما يحتمل أن يصيب أحدهما هاتين الرميتين ، ويخطئهما الآخر ، ولا يحصل السبق بذلك .
وكذلك إن فضل أحدهما الآخر بخمس إصابات فما زاد ، لم يلزم الإتمام ; لأن إصابة الآخر بالسهمين الباقيين لا يخرج الآخر عن كونه فاضلا بثلاث إصابات ، وإن لم يفضله إلا بأربع ، رميا السهم الآخر ، فإن أصابه المفضول وحده ، فعليهما رمي الآخر فإن أصابه المفضول أيضا ، سقط سبق الأول ، وإن أخطآ في أحد السهمين ، أو أصاب الأول في أحدهما ، فهو سابق .
[ ص: 377 ] فصل : الثالث أن يقولا : أينا أصاب خمسا من عشرين ، فهو سابق . فمتى أصاب أحدهما خمسا من العشرين ، ولم يصبها الآخر ، فالأول سابق ، وإن أصاب كل واحد منهما خمسا ، أو لم يصب واحد منهما خمسا ، فلا سابق فيهما . وهذه في معنى المحاطة ، في أنه يلزم إتمام الرشق ما كان في إتمامه فائدة ، فإذا خلا عن الفائدة ، لم يلزم إتمامه . ومتى أصاب كل واحد منهما خمسا ، لم يلزم إتمامه ، ولم يكن فيهما سابق . إن رميا ست عشرة رمية ، ولم يصب واحد منهما شيئا ، لم يلزم إتمامه ، ولا سابق فيهما ; لأن أكثر ما يحتمل أن يصيب أحدهما الأربعة كلها ، ولا يحصل السبق بذلك .
واختلف أصحابنا ، فقال : لا بد من معرفة الرمي ، هل هو مبادرة أو محاطة أو مفاضلة ؟ لأن غرض الرماة يختلف ; فمنهم من تكثر إصابته في الابتداء دون الانتهاء ، ومنهم من هو بالعكس ، فوجب بيان ذلك ، ليعلم ما دخل فيه . وظاهر كلام أبو الخطاب ، أنه لا يحتاج إلى اشتراط ذلك ; لأن مقتضى النضال المبادرة ، وأن من بادر إلى الإصابة فهو السابق ; فإنه إذا شرط أن السبق لمن أصاب خمسة من عشرين ، فسبق إليها واحد ، فقد وجد الشرط . ولأصحاب القاضي وجهان ، كهذين . الشافعي