وهو قول مالك ، وإسحاق ، وابن المنذر ; لأنه يحتمل القسم بالله تعالى وبغيره ، فلم تكن يمينا حتى يصرفه بنيته إلى ما تجب به الكفارة . وقال الشافعي : ليس بيمين وإن نوى . وروي نحو ذلك عن عطاء ، والحسن ، والزهري ، وقتادة ، وأبي عبيد ; لأنها عريت عن اسم الله وصفته ، فلم تكن يمينا ، كما لو قال : أقسمت بالبيت .
ولنا ، أنه قد ثبت لها عرف الشرع والاستعمال ، فإن أبا بكر قال : أقسمت عليك يا رسول الله ، لتخبرني بما أصبت مما أخطأت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تقسم يا أبا بكر } . رواه أبو داود . وقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : أقسمت [ ص: 404 ] عليك يا رسول الله ، لتبايعنه . فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : { أبررت قسم عمي ، ولا هجرة } .
وفي كتاب الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } إلى قوله { اتخذوا أيمانهم جنة } . فسماها يمينا ، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما .
وقالت عاتكة بنت عبد المطلب ، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حلفت لئن عادوا لنصطلمنهم لجاءوا تردى حجرتيها المقانب
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل :فآليت لا تنفك عيني حزينة عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
قلنا : إنما يحمل على القسم المشروع ، ولهذا لم يكن هذا مكروها ، ولو حمل على القسم بغير الله ، كان مكروها ، ولو كان مكروها لم يفعله أبو بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبر النبي صلى الله عليه وسلم قسم العباس حين أقسم عليه .


