( 8436 ) فصل : ومن ، أبيح له الحلف ، ولا شيء عليه من إثم ولا غيره ; لأن الله تعالى شرع اليمين ، ولا يشرع محرما . وقد أمر الله تعالى نبيه عليه السلام ، أن يقسم على الحق ، في ثلاثة مواضع من كتابه . وحلف توجهت عليه يمين هو فيها صادق ، أو توجهت له عمر على نخيل ، ثم وهبه له ، وقال : خفت إن لم أحلف أن يمتنع الناس من الحلف على حقوقهم ، فتصير سنة . لأبي
قال : بلي حنبل بنحو هذا ، جاء إليه ابن عمه ، فقال : لي قبلك حق من ميراث أبي ، وأطالبك بالقاضي ، وأحلفك . فقيل أبو عبد الله : ما ترى ؟ قال : أحلف له ، إذا لم يكن له قبلي حق ، وأنا غير شاك في ذلك حلفت له ، وكيف لا أحلف ، لأبي عبد الله قد حلف ، وأنا من أنا ؟ وعزم وعمر على اليمين ، فكفاه الله ذلك ، ورجع الغلام عن تلك المطالبة . واختلف في الأولى ، فقال قوم : الحلف أولى من افتداء يمينه ; لأن أبو عبد الله حلف ; ولأن في الحلف فائدتين ; إحداهما ، حفظ ماله عن الضياع ، وقد نهى [ ص: 215 ] النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته . عمر
والثانية ، تخليص أخيه الظالم من ظلمه ، وأكل المال بغير حقه ، وهذا من نصيحته ونصرته بكفه عن ظلمه ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم على رجل أن يحلف ويأخذ حقه . وقال أصحابنا : الأفضل افتداء يمينه ; فإن افتدى يمينه ، وقال : خفت أن تصادف قدرا ، فيقال حلف فعوقب ، أو هذا شؤم يمينه . وروى عثمان ، بإسناده ، أن الخلال عرف جملا سرق له ، فخاصم فيه إلى قاضي المسلمين ، فصارت اليمين على حذيفة فقال : لك عشرة دراهم . فأبى ، فقال لك عشرون ، فأبى ، فقال : لك ثلاثون . ، فأبى ، فقال : لك أربعون . فأبى ، فقال حذيفة : أتراني أترك جملي ؟ فحلف بالله أنه له ما باع ولا وهب . حذيفة
ولأن في اليمين عند الحاكم تبذلا ، ولا يأمن أن يصادف قدرا ، فينسب إلى الكذب ، وأنه عوقب بحلفه كاذبا ، وفي ذهاب ماله له أجر ، وليس هذا تضييعا للمال ، فإن أخاه المسلم ينتفع به في الدنيا ويغرمه له في الآخرة . وأما ، فإنه خاف الاستنان به ، وترك الناس الحلف على حقوقهم ، فيدل على أنه لولا ذلك ، لما حلف ، وهذا أولى ، والله تعالى أعلم . عمر