( 8588 ) فصل : ومن أعتق عبده ، وهو صحيح جائز التصرف  ، صح عتقه بإجماع أهل العلم . وإن أعتق بعضه ، عتق كله . في قول جمهور العلماء . وروي ذلك عن  عمر  ، وابنه رضي الله عنهما . وبه قال الحسن  ، والحكم  ، والأوزاعي  ،  والثوري  ،  والشافعي    . قال  ابن عبد البر    : عامة العلماء بالحجاز  ، والعراق  ، قالوا : يعتق كله إذا أعتق نصفه . وقال  طاوس    : يعتق في عتقه ، ويرق في رقه . وقال حماد  ،  وأبو حنيفة    : يعتق منه ما أعتق ، ويسعى في باقيه . وخالف  أبا حنيفة  أصحابه ، فلم يروا عليه سعاية . 
وروي عن  مالك  ، في رجل أعتق نصف عبد ، ثم غفل عنه حتى مات  ، فقال : أرى نصفه حرا ، ونصفه رقيقا ، لأنه تصرف في بعضه ، فلم يسر إلى باقيه ، كالبيع . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أعتق شركا له في عبد ، فكان معه ما يبلغ قيمة العبد ، قوم عليه قيمة العدل ، وعتق عليه جميع العبد   } . وإذا أعتق عليه نصيب شريكه ، كان بينهما على عتق جميعه إذا كان كله ملكا له . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { من أعتق شقصا له في مملوك ، فهو حر من ماله   } . ولأنه إزالة ملك لبعض مملوكه الآدمي ، فزال عن جميعه ، كالطلاق ، ويفارق البيع ; فإنه لا يحتاج إلى السعاية ، ولا ينبني على التغليب والسراية . إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين أن يعتق جزءا كبيرا ، كنصفه وثلثه ، أو صغيرا ، كعشره وعشر عشره . ولا نعلم في هذا خلافا بين القائلين بسراية العتق إذا كان مشاعا . 
وإن أعتق جزءا معينا ، كرأسه ، أو يده أو أصبعه ، عتق كله أيضا . وبهذا قال  قتادة  ،  والشافعي  ، وإسحاق    . وقال أصحاب الرأي : إن أعتق رأسه ، أو ظهره ، أو بطنه ، أو جسده ، أو نفسه ، أو فرجه ، عتق كله ; لأن حياته لا تبقى بدون ذلك ، وإن أعتق يده ، أو عضوا تبقى حياته بدونه ، لم يعتق ; لأنه يمكن إزالة ذلك مع بقائه ، فلم يعتق بإعتاقه ، كشعره ، أو سنه . ولنا أنه أعتق عضوا من أعضائه ، فيعتق جميعه ، كرأسه ، فأما إذا أعتق شعره ، أو سنه ، أو ظفره ، لم يعتق . وقال  قتادة  ،  والليث  ، في الرجل يعتق ظفر عبده : يعتق كله ; لأنه جزء من أجزائه أشبه أصبعه . 
ولنا أن هذه الأشياء تزول ، ويخرج غيرها ، فأشبهت الشعر ، والريق ، وقد ذكر ذلك في الطلاق ، وما ذكر في الطلاق فالعتاق مثله . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					