( 1032 ) فصل : فأما ، وفعل غيرها من الصلوات التي لها سبب ، كتحية المسجد ، وصلاة الكسوف ، وسجود التلاوة ، فالمشهور في المذهب أنه لا يجوز . ذكره قضاء السنن في سائر أوقات النهي في سجود التلاوة وصلاة الكسوف . وقال الخرقي : في ذلك روايتان ; أصحهما أنه لا يجوز . وهو قول أصحاب الرأي ; لعموم النهي . والثانية : يجوز . وهو قول القاضي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الشافعي } . [ ص: 432 ] متفق عليه . وقال في الكسوف : { إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين } . وهذا خاص في هذه الصلاة ، فيقدم على النهي العام في الصلاة كلها ، ولأنها صلاة ذات سبب ، فأشبهت ما ثبت جوازه . فإذا رأيتموهما فصلوا
ولنا ، أن النهي للتحريم ، والأمر للندب ، وترك المحرم أولى من فعل المندوب . وقولهم : إن الأمر خاص في الصلاة . قلنا : ولكنه عام في الوقت ، والنهي خاص فيه ، فيقدم ، ولا يصح القياس على القضاء بعد العصر ; لأن حكم النهي فيه أخف ، لما ذكرنا ، ولا على قضاء الوتر بعد طلوع الفجر لذلك ، ولأنه وقت له ، بدليل حديث أبي بصرة ، ولا على صلاة الجنازة لأنها فرض كفاية ، ويخاف على الميت ، ولا على ركعتي الطواف ، لأنهما تابعتان لما لا يمنع منه النهي ، مع أننا قد ذكرنا أن الصحيح أنه لا يصلى على الجنازة في الأوقات الثلاثة التي في حديث . وكذلك لا ينبغي أن يركع للطواف فيها ، ولا يعيد فيها جماعة . وإذا منعت هذه الصلوات المتأكدة فيها فغيرها أولى بالمنع ، والله أعلم . عقبة بن عامر
( 1033 ) فصل : ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي . وقال : لا يمنع فيها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { الشافعي } . وعن لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبي ذر بمكة يقول : قال ذلك ثلاثا } . رواه لا يصلين أحد بعد الصبح إلى طلوع الشمس ، ولا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس ، إلا . ولنا عموم النهي ، وأنه معنى يمنع الصلاة ، فاستوت فيه الدارقطني مكة وغيرها ، كالحيض ، وحديثهم أراد به ركعتي الطواف ، فيختص بهما ، وحديث ضعيف ، يرويه أبي ذر عبد الله بن المؤمل ، وهو ضعيف ، قاله . يحيى بن معين
( 1034 ) فصل : ولا فرق في وقت الزوال بين الجمعة وغيرها ، ولا بين الشتاء والصيف ، كان ينهى عنه ، وقال عمر بن الخطاب : { ابن مسعود كنا ننهى عن ذلك . يعني يوم الجمعة } . وقال : أدركت الناس وهم يتقون ذلك . وعن سعيد المقبري عمرو بن سعيد بن العاص ، عن أبيه قال : كنت ألقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعا . ورخص فيه الحسن ، ، وطاوس والأوزاعي ، ، وسعيد بن عبد العزيز ، والشافعي وإسحاق في يوم الجمعة ; لما روى ، { أبو سعيد } . وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة مثله ، رواه أبي قتادة أبو داود . ولأن الناس ينتظرون الجمعة في هذا الوقت ، وليس عليهم قطع النوافل .
وقال : أكرهه إذا علمت انتصاف النهار ، وإذا كنت في موضع لا أعلمه ، ولا أستطيع أن أنظر ، فإني أراه واسعا . وأباحه فيها مالك في الشتاء دون الصيف ; لأن شدة الحر من فيح جهنم ، وذلك الوقت حين تسجر جهنم . ولنا ، عموم الأحاديث في النهي . عطاء
وذكر الرخصة في الصلاة نصف النهار يوم الجمعة ، قال : فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه : حديث لأحمد ، وحديث عمرو بن عبسة ، وحديث عقبة بن عامر ، رواه الصنابحي ، عن الأثرم عبد الله الصنابحي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } . ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات . ولأنه وقت نهي ، فاستوى فيه يوم الجمعة وغيره ، كسائر الأوقات ، [ ص: 433 ] وحديثهم ضعيف ، في إسناده إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان ، فإذا ارتفعت فارقها ، ثم إذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها ، فإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها ، وهو ضعيف ، وهو مرسل ; لأن ليث بن أبي سليم يرويه عن أبا الخليل ، ولم يسمع منه . أبي قتادة
وقولهم : إنهم ينتظرون الجمعة . قلنا : إذا علم وقت النهي فليس له أن يصلي ، فإن شك فله أن يصلي حتى يعلم ; لأن الأصل الإباحة ، فلا تزول بالشك . والله أعلم