الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          استخـدام الرسول صلى الله عليه وسلم الوسائل التعليمية

          حسن بن علي البشاري

          سادسا: الإشارة باليدين

          ورد في الحديث الشريف أن النبي استخدم يديه الشريفتين في شرح بعض المعاني التعليمية المجردة للصحابة رضي الله عنهم ، فحينا يستخدمها للكناية عن إفاضة الماء على الرأس، وللتفريق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب حينا آخر، كما يشير بهما إلى الجهة تارة، وللدلالة على عدد أيام الشهر تارة أخرى. ومن ذلك الأحاديث الشريفة الآتية:

          32- أخرج البخاري في كتاب الغـسل ( عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا، وأشار بيديه كلتيهما ) [1]

          أي أشار أنه يأخذ الماء بكفيه معا.

          33- ( عن أنس بن مالك رضي الله عنه قـال: صلى لنا النبي ثم رقى المنبر -فأشار بيديه قبل قبلة المسجد - ثم قال: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذ الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر ( ثلاثا ) ) [2] [ ص: 85 ]

          34- ( عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ذكر رمضان فضرب بيديه فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا ( ثم عقد إبهامه في الثالثة ) ، فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين. ) [3]

          قال النووي: وفي هذا الحديث جواز اعتماد الإشارة المفهمة في مثل هذا [4]

          35- ( عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقسم رسول الله أن لا يـدخـل على نسـائـه شـهرا، فمكث تسعة وعشرين يوما، حـتى إذا كـان مسـاء ثلاثـين دخـل علي، فقـلت: إنك أقـسمت أن لا تدخل علينا شهرا، فقال: شهر هكذا ( ويرسل أصابعه فيها ثلاث مرات ) وشهر هكذا ( وأرسل أصابعه كلها وأمسك إصبعا واحدا في الثالثة ) ) [5]

          36- ( عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 86 ] (لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال -أو قال: نداء بلال - من سحوره، فإنه يؤذن بليل -أو قال: ينادي بليل - ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم، وقال: ليس أن يقول هكذا وهكذا -وصوب يده ورفعها - حتى يقول هكذا ( وفرج بين إصبعيه ) . )

          وفي رواية: ( إن الفجر ليس الذي يقول هكذا ( وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض ) ، ولكن الذي يقول هكذا (ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه ) . ) وفي رواية: ( لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض -لعمود الصبح - حتى يستطير هكذا ) . )

          وفي رواية: ( لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا. وحكاه حماد -أحد الرواة - بيديه قال: يعني معترضا ) [6]

          ( يستطير ) أي ينتشر ضوؤه ويعترض في الأفق.

          قال النووي: (في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي تتعلق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق، وفيها أيضا الإيضاح في البيان [ ص: 87 ]

          والإشارة لزيادة البيان في التعليم، والله أعلم ) [7]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية