حوار الشعوب مع القادة والحكام
يعد هـذا النوع من الحوار أخطر وأهم أنواع الحوار الداخلي بين أبناء الأمة «الحوار مع الذات» حيث لا يعرف تاريخ الفكر الإنساني قضية ثار حولها الجدل والخلاف مثل ما أثارته قضية نظام الحكم، وليس غريبا أن ترتفع في كثير من الأحيان حرارة الحوار ارتفاعا تذوب معه معاني الكلمات والمصطلحات وتختلط بسببه على أطراف الحوار مواضع الخلاف بينهم، فيتبادل أصحاب تلك الرؤى ألوانا من الاتهامات. [ ص: 134 ] أما من وجهة نظر الإسلام فإن إقامة الحكم الصالح جزء من رسالة الإسلام، والسياسة الشرعية قسم من أقسام شريعته، والنبي صلى الله عليه وسلم كان رسولا ونبيا، وكان ابتداء من الهجرة حاكما ورئيسا وأميرا للأمة، وإن استقراء نصوص القرآن الكريم وسـيرة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم تثبت أن الإسلام نظام شامل لا يتخلى عن هـذا الجانب المهم من جوانب حياة الإنسان؛ لأنه إذا كان اجتماع الناس ضروريا للحياة فإن حاجتهم لسلطان ينظم ذلك الاجتماع أمر متمم لذلك الاجتماع، ولهذا يقول الإمام الغزالي : «الدين أساس والسلطان حارس، وما لا أساس له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع»
[1] .
وإذا أردنا أن نحـدد ملامح الحوار الذي ينبغي أن يتحقق بين الشعوب وقادتها فإن ذلك يتطلب منا الوقوف على ما تريده تلك الشعوب من حكامها، ولعل أبرز ما تريده الشعوب من الحكام يتمثل في الأمور التالية
[2] :
1 - سلطة سياسية تعتمد رضا المحكومين وقبولهم، وهو أمر يتفق مع تصور الإسلام وتصور الديمقراطية ، مما يمنح الحاكم شرعية حكمه للجماعة.
2 - ضمانات قانونية تضمن للأفراد تمتعهم بالحقوق المدنية والشخصية، وتمنح الجميع المساواة أمام القانون والقضاء.
3 - مجتمع يعتمد العقائد والأخلاق والقيم الفاضلة، ويستمد أنظمته من شريعة الأغلبية، وهذا معنى استمداد التشريع من مصادره الإسلامية. [ ص: 135 ] 4 - منهج عقلي ناضج يتم به تدبير أمور الحكم والسـياسة، وتلبية الحاجات الأسـاسية للأمة.
ولا شك أن تحقيق هـذه الأمور يتطلب جهدا كبيرا وسعيا دءوبا وحوارا متواصلا بين الرعية والحكام، لتحديد المشاكل الحقيقية للمجتمع ووضع الحلول المناسبة لها، يشـارك في ذلك أهل الرأي وأصحاب المصلحة وأهل الحل والعقد في الأمة، بعيدا عن الأغراض الشخصية والأهواء والرغبات الفردية.
وفي ضوء ما تقدم، كان مـبدأ الشـورى الذي أوجـبه الله تعالى على رسـول الله صلى الله عليه وسلم باعتباره ولي أمر الأمـة:
( وشاورهم في الأمر ) (آل عمران:159)
فعلى الرغم من أنه كان يتلقى الوحي عن ربه لكنه مأمور بتطبيق المشورة والأخذ بها، ليسن للأمة من بعده قواعد نظام الحكم في المجتمعات الإسلامية اللاحقة.
إن استقراء نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وعمل الصحابة رضوان الله عليهم تكشف أن الإسلام قد وضع للحكم مبادئ أساسية وقيما عليا اعتبرها مما علم من الدين بالضرورة، وترك للناس بعد ذلك أن يضعوها موضع التطبيق بما يناسب ظروفهم ويلائم مستجدات حياتهم، وعلى رأس تلك المبادئ كان مبدأ الشورى ومبدأ العدل واحترام حريات الناس وحقوقهم، ومن هـنا فإن الحوار الذي نريده أن ينشأ بين الشعوب وحكامها داخل المجتمعات العربية والإسلامية يجب أن يعتمد على الأسس التالية : [ ص: 136 ]
1 - أن يتيح الحكام لشـعوبهم الحـرية الكاملة؛ لأن تقول كلمتها وتبدي رأيها في مجمل القضايا التي تهم الأمة وقضاياها المركزية.
2 - القضاء على أزمة الثقة بين الحكام وشعوبهم التي نشأت بسبب فقدان لغة التواصل والحوار بينهما.
3 - سماع الحاكم للرأي الآخر ومحاولة تفهمه واعتماده، أو مناقشته والرد عليه حين يتطلب الأمر ذلك.
وبذلك يسود الحوار الهادف والبناء بين كل من الشعوب وقادتها داخل المجتمعات العربية الإسلامية، ويصبح هـناك مجال للالتقاء والتواصل من أجل تحقيق المصالح العامة للأمة والنهوض بها نحو الغد المشرق.
إن منطق العقل يثبت أن الناس يحتاجون إلى السلطان كما يحتاجون إلى العلماء، وأنهم يكونون أقرب إلى الصلاح والخير وأوفر نصيبا منه عندما يلتقي في حياتهم حزم الأمراء وعدلهم بحكمة العلماء وعلمهم، وفي هـذا ( يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء )
[3] وقد ورد أن أصحاب الحكم والسلطان مسئولون أمام الله تعالى عن رعيتهم، وأن العلماء كذلك مسئولون عما حملهم من أمانة العلم والبحث عن الحقيقة ونشرها بين الناس، مما يشير إلى حتمية التلازم الوثيق بين هـاتين الطبقتين في قيادة الأمة ورعاية مصالحها. [ ص: 137 ] وقد حدثنا القرآن الكريم عن ثمرة التعاون بين أهل العلم والثقافة والخبرة والدراية من جهة وبين أهل الحكم والسلطة من جهة أخرى حين روى لنا قصة سليمان عليه السلام وملكة سبأ التي تلقت جملة من العروض من سليمان فحرصت على أن يكون قرارها مستنيرا بنور العلم مهتديا بنصيحة أهل الخبرة من العلماء:
( قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) (النمل:32)
والملأ هـم خاصة القوم وأهل الرأي والمكانة فيهم، كما ورد في تاريخنا الإسلامي دعوات صريحة إلى ضرورة التعاون بين العلماء والأمراء عملا بهدي القرآن الكريم:
( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) (آل عمران:159)
وقد سارت الأمة على هـذا الهدى فترة طويلة من الزمن تمثلت في التعاون الهادئ بين الطائفتين واتسعت صدور الحكام لنصائح العلماء، وقام العلماء بواجبهم في تقديم النصيحة وقول الحق وإعلانه بين يدي السلطان.
ولكن سرعان ما تغيرت أحوال الأمة، واتسعت الفجوة بين العلماء والأمراء، وتصور عدد من الحكام أنهم بما يحملون من مسئوليات جسام جديرون بأن يسلم الناس لهم قيادهم بدون مناقشة أو إبداء رأي، فلا قرار بعد قرارهم، ولا وجهة للأمة إلا الوجهة التي يريدونها ويختارونها، وهكذا تكرر في تاريخنا ما حدث في تاريخ الأمم والشعوب الأخرى من مواقف الصدام والمواجهة بين السلطة والمثقفين من أبناء الأمة ما حصل حتى سجن منهم من سجن، وشرد منهم من شرد، وآثر الصمت من عجز عن المواجهة [ ص: 138 ] وتحمل تبعات الصدام، بسبب بعض القضايا الفقهية والفكرية والفلسفية، وتطور الأمر مع تتابع حلقات التاريخ فلم تعد تلك القضايا الفكرية محور الصراع في علاقة المثقفين بالسلطة، وإنما صارت القضايا السياسية والاجتماعية هـي محور المد والجزر في رسم معالم تلك العلاقة.
ويرى الدكتور محسن عبد الحميد
[4] : أنه لا بد من القيام بنقد تاريخي شامل لنظام الحكم في المجتمعات الإسلامية من بعد معركة صفين وإلى اليوم، وإثبات أن الاستفراد بالحكم والاستبداد فيه الذي كان سائدا في فترات متعددة من تاريخنا، مخالف لنظام الحكم الشوري في الإسلام مخالفة أكيدة، وإنه جلب على الأمة الإسلامية عبر العصور مآس جمة وخرابا شاملا، وإنه من أعظم أسباب سقوط المجتمع الإسلامي وأزماته قديما وحديثا.
إن نظام الشورى في الإسلام كما طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وكما يمكن أن يلجأ اليوم إلى الآليات والأساليب المعاصرة المنسجمة مع روح الإسلام لتحقيق مقاصد الشورى، هـو الذي يحقق كرامة الإنسان المسـلم، ويعيد إليه حقـه في المعارضـة والتعبير عن آرائه بحرية أخلاقية منضبطة.
إن العقلاء جميعا متفقون على أنه ما من مصيبة من مصائب هـذا القرن قد حلت بالإسلام والمسلمين إلا كانت نتيجة مباشرة لصراعات بعض [ ص: 139 ] الحكام واستبدادهم، ومحاربتهم لأهل الرأي السديد، وعدم سماعهم قول الحق، وعدم رجوعهم إلى موازين الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا.
إن معظم حكام المسلمين في القرن الأخير قد أحدثوا فرقة كبيرة بين المسلمين، أو لم يهيئوا صفوف الأمة للجهاد والحركة والتغيير والبناء، وضيعوا ثروات الأمة على مباذلهم وقصورهم، أو على حروب خاسرة لم يخططوا لها ولم تكن لهم فيها إرادة للقتال أصلا.
وإذا أردنا أن نتحدث عن طبيعة العلاقة بين المثقفين والحكام هـذه الأيام فإن ذلك يتطلب تحديد جملة من المعطيات التي تمر بها أنظمة الحكم المعاصرة من حيث طبيعتها وعلاقتها بالنخبة من أبناء الأمة، والتي تتمثل بما يلي
[5] :
1 - إن أنظمة الحكم المعاصرة ينبغي أن لا تبقى أنظمة فردية خالصة تعتمد على رأي الشخص الواحد، بل يجب أن تأخذ طابع المؤسسة أو مجموعة المؤسسات بحيث يتراجع معها إلى حد كبير الدور الشخصي للحاكم.
2 - إن مهمة الدولة الحديثة اليوم هـو البحث عن حلول عملية للمشاكل المعقدة التي تواجه المجتمعات، الأمر الذي دفع إلى الإحساس بالحاجة إلى ضرورة ترشـيد قرارت أجهزة الحكم وإلى عظم المسئولية الملقاة على عاتق العلمـاء والمثقفيـن في المعاونة على هـذا الترشيد وإبداء النصح والتوجيه. [ ص: 140 ] 3- إن اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية من قبل الحكام أصبح اليوم بحاجة إلى هـيئات متخصصة من العلماء تقدم المشورة والنصيحة في معالجة الكثير من المشاكل التي تتعرض لها المجتمعات، ولم تعد الفطنة وسلامة النظر كافية لمواجهة تلك المشاكل، بل لا بد من الدراسات المنهجية التي يقوم بها المتخصصون من أهل الخبرة والدراية والفكر لمعاونة الحاكم في اتخاذ القرار.
لكن الملاحظ من خلال المتابعة لما يجري في العالم العربي والإسلامي أن وسائل الترغيب والترهيب التي يلجأ إليها الحكام لمواجهة المثقفين أو احتوائهم أو إبعادهم عن مصادر اتخاذ القرار عملت على عدم التواصل والتحاور بين المثقفين من جهة والحكام والقادة من جهة أخرى، فقد عملت مؤسسات الدولة وأجهزتها وتنظيماتها على إغراء واستقطاب عدد ليس بالقليل من المثقفين والعلماء من أصحاب الفكر والرأي تستهويهم بالاقتراب منها والارتباط بمؤسساتها، وقد ساعد على ذلك رغبة بعضهم الإفادة من الجاه والمال والمنصب الذي توفره له تلك المؤسسات لغرض الارتقاء بالمستوى الاجتماعي لهم وتأمين حياتهم الخاصة، وهذا لا شك منزلق خطير لأنه يدفع صاحبه إلى التخلي شيئا فشيئا عن أمانة العلم التي تحملها ومسئولية الفكر التي يجب أن ينهض بها مما يمنعه من الجهر بالحق وإعلان الرأي، والأخطر من ذلك أنه ينحدر شيئا فشيئا فيصبح يرى الأمور كلها بعين السلطة ويزنها بموازينها، وبذلك يفقد دوره التوجيهي في النصح والإرشاد، ويتخلى عن القيام بحق العلم الذي تعلمه والحكمة التي أوتيها. [ ص: 141 ] وليت الأمر وقف عند هـذا الحد، بل تعدى إلى أنه كلما انزلق فريق من العلماء والمثقفين إلى أن يكونوا جزءا من حاشية السلطة وبوقا من أبواقها، كلما تعرض فريق آخر منهم لمزيد من الضغط النفسي والاجتماعي وصار من اليسير اتهامهم بأنهم يسرفون في النقد ويتشددون في المعارضة وأن ولاءهم للحكم القائم ولاء منقوص ومشكوك فيه، حتى يحال بينهم وبين إبداء الرأي والمشورة وممارسة النصح والتوجيه، فيحرموا بذلك حقا طبيعيا لهم، وتحرم الجماعة والأمة من خبراتهم وآرائهم، مستغنين عن ذلك بموافقة الموافقين وتأييد المؤيدين ممن لا يخلصون في النصيحة ولا يجهرون بالرأي، الأمر الذي خلق أزمة حقيقية في علاقة السلطة بأبنائها من المثقفين والعلماء والمفكرين المحايدين.
ونتيجة لذلك كله، تصاعد إحساس المثقفين بالأزمة، واشتد شعورهم بالإحباط، وساء ظنهم بالمؤسسة الحاكمة، بسبب عدم الاستعانة بأهل الخبرة والدراية من أهل الحل والعقد بالأمة القادرين على ترشيد مسيرة العمل الوطني وإنقاذه من عثرات الزمن ومشاكله المعاصرة، وقد أحدث ذلك مشكلة أخرى تتمثل في أن الكثير من الحكام تصوروا أن توجيه النقد وإبداء النصح في الساعات العصيبة التي تمر بها الأمة نوع من المقامرة بالأمن وتهديد الاستقرار، كما دفع ذلك العديد من العلماء والمثقفين إلى تفضيل العزلة والانكفاء عن الحياة العامة للأمة؛ ولا شك أن كلا الحالتين ينذر بخطر كبير يعود على الأمة بكوارث وخيمة عليها، وهنا يأتي دور الدعوة إلى الحوار [ ص: 142 ] والتواصل بين هـاتين الطبقتين اللتين بأياديهما خلاص الأمة مما يحصل لها من مشاكل وأزمات.
ويمكن تحديد برنامج الحوار وعلاج أزمة الثقة والتصديق بين الحكام والقادة من جهة وبين العلماء والمثقفين من جهة أخرى بما يلي:
1- أن يدرك الحـكام أن المثقفين ليـسوا خطرا على أحد منهم، فهم أصحاب رسـالة ورأي وفكر، وإن أقصى ما يملكونه هـو التعبير عن هـذا الرأي والفكر بأقلامهم وألسنتهم إذا ما أتيح لهم الجو المناسب لإبداء الرأي وتقديم النصيحة.
2- أن يعمل الحكام على استيعاب المثقفين داخل تيار العمل الوطني باعتبار ذلك جزءا من مسئوليتهم، بدلا من الحرص على إسكاتهم أو شراء ذممهم أو احتوائهم؛ لأن بقاء المثقفين خارج دائرة اتخاذ القرار ينطوي على خسارة فادحة للأمة، ويترك السلطة مهما بلغ صلاحها بعيدة عن خبراتهم ودرايتهم تواجه لوحدها ألوانا من المشاكل والتحديات التي لا يصلح لمواجهتها أسلوب التجربة والخطأ والعمل العفوي الذي تتحكم فيه اختيارات ذاتية فردية.
3 - أن يدرك المثقفون حجم التحديات القائمة، وفداحة الأخطار المحيطة، وأن دورهم العلمي والتوجيهي يتطلب منهم أن يقدموا أكثر من النصيحة المجردة التي يلقيها صاحـبها من برجه العالي ثم يمضي، وإنما يجب عليهم المشاركة الحقيقية في توجيه الناس وتبليغهم؛ لأن المرحلة الحرجة من [ ص: 143 ] حياة الأمم تتطلب عملا دءوبا واقترابا من صنع القرار واستعلاء على كلمات التجريح واتهامات الجري وراء المصالح الذاتية.
4 - أن يبتعد المثقفون عن دائرة الرؤية الواحدة، وأن يتعاملوا مع الأحداث التي يعيشها المجتمع بمرونة كاملة وعقلية متفتحة بعيدة عن التشنجات العاطفية، انطلاقا من الحرص على مصلحة الأمة وتقديمها على المصالح الشخصية الضيقة.
ولا شك أن هـذا البرنامج من الحوار يتطلب تأمين جو من الحرية الكاملة الذي هـو الضمان الكبير لانطلاقة هـذه الجهود الخيرة، التي يتقارب بها الحكام والمثقفون ويلتقي في ظلالها سيف الحكم وميزان العدل والحكمة.
وبناء على هـذه الأسـس المتقدمة يمكن التأسيس لحوار هـادف وبناء يسعى للتواصل بين الحكام وشعوبهم، ويتيح للجميع المشاركة في اتخاذ القرار وتحمل المسئوليات التي تقع على عاتق الجميع، كل من منصبه، وبأسلوب من الاحترام المتبادل، بعيدا عن الانتقاص من مكانة أي طرف من الأطراف؛ لأن أبرز مقومات نجاح الحوار هـو حفظ مكانة الطرف الآخر والمحافظة على حقه وإنصافه من كل وجه، بغض النظر عن صفة المحاور أو مركزه العلمي والاجتمـاعي؛ لأن الأمر المهم في الحوار هـو إبراز حق الخصم وإنصافه حتى لا تنقلب المحاورة إلى مكابرة. [ ص: 144 ]