المطلب الثاني: جواز الوقف في السلاح والكراع فقط:
استدل أصحاب هذا الرأي بدليلين:
1- ما روي عن عبد الله بن مسعـود، رضـي الله عنه، أنه قـال: «لا حبس إلا في سلاح أو كراع» [1] . وقد روي هذا الحديث موقوفا على علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقد أخرج ابن أبي شيبة بسنده عن [ ص: 60 ] الشعبي قال: قال علي، رضي الله عنه: «لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع» [2] .
قال الكمال بن الهمام: وينبغي أن يكون لهذا الوقف حكم المرفوع؛ لأنه بعد أن عـلم ثبوت الوقـف، ولهذا استثنى الكراع والسلاح، لا يقال إلا سمـاعا وإلا فـلا يحـل، والشعـبي أدرك عـليا وروايته عنه في البخاري ثابتة [3] .
2- وهو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يجعل ما فضل من قوته في السلاح والكراع [4] .
ويمكن الرد على استدلال مانعي الوقف إلا بالسلاح والكراع بالآتي:
أولا: سقوط الرواية عن ابن مسعود، ولا يمكن قبولها، ذلك:
أ- لأنها عن رجل لم يسم.
ب- ولأن والد القاسم لا يحفظ عن أبيه كلمة، وكان عمره حين موت أبيه ست سنين، فكيف بولده [5] .
أما نسبة هذه الرواية إلى علي، رضي الله عنه، فغير مقبولة، كونه قد وقف ينبع. [ ص: 61 ] ثانيا: لا يمكن أن ينهض الدليل الثاني حجة على منع الوقف؛ لأن هذه الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي حكاية، لا دلالة فيها على منع الوقف عن غيرها، فلقد صح عنه إيقاف غير السلاح والكراع، فيجب القول به أيضا.