الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 47 ] مسألة : ولا يجوز النكاح إلا باسم الزواج أو النكاح ، أو التمليك ، أو الإمكان .

                                                                                                                                                                                          ولا يجوز بلفظ الهبة ، وبلفظ غيرها لما ذكرنا ، أو بلفظ الأعجمية يعبر به عن الألفاظ التي ذكرنا لمن يتكلم بتلك اللغة ويحسنها .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : قول الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } .

                                                                                                                                                                                          وقوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } .

                                                                                                                                                                                          وقال عز وجل : { فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق البخاري نا سعيد بن أبي مريم نا أبو غسان - هو محمد بن مطرف المدني - حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي { أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم } فذكر الحديث والرجل الذي خطبها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم { وقد أنكحناكها بما معك من القرآن } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن معمر ، وسفيان الثوري ، وكلاهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي ، فذكر الحديث وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل : { قد ملكتكها بما معك من القرآن } .

                                                                                                                                                                                          وروينا أيضا : من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد فقال فيه { فقد ملكتكها بما معك من القرآن } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فإن قيل : فقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة عن أبي حازم عن سهل فقال فيه { قد أنكحتكها } .

                                                                                                                                                                                          ورواه : زائدة ، وحماد بن زيد ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، كلهم عن أبي حازم عن سهل ، فقالوا فيه { فقد زوجتكها فعلمها من القرآن } وهو موطن واحد ، ورجل واحد ، وامرأة واحدة ؟ قال : نعم ، كل ذلك صحيح . [ ص: 48 ]

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق البخاري نا عبدة - هو ابن سليمان الصفار - نا عبد الصمد - هو ابن عبد الوارث - نا عبد الله بن المثنى نا ثمامة بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه } فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلما لنا ما ينعقد به النكاح - والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بهذا : الشافعي ، وأبو سليمان .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن النكاح ينعقد بلفظ " الهبة " - : قال أبو محمد : وهذا عظيم جدا ; لأن الله تعالى يقول : { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } فصح أن النكاح بلفظ " الهبة " باطل لغير النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          والعجب قولهم : إن الهبة المحرمة إنما هي إذا كانت بلا صداق ، فكان هذا زائدا في الضلال والتحكم بالكذب ، والدعاوى في الدين .

                                                                                                                                                                                          ومن العجب أن أتوا إلى الموهوبة ، وقد قال الله تعالى إنها لرسوله عليه الصلاة والسلام من دون المؤمنين فجعلوه عموما لغيره ، ثم أتوا إلى ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة النكاح بخاتم حديد ، وبتعليم شيء من القرآن فجعلوه خصوصا له - فلو عكسوا أقوالهم لأصابوا - ونسأل الله العافية .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية