. ( قال ) ولا يقوم عندها ; لأنه قد بقي عليه أعمال يحتاج إلى أدائها في هذا اليوم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم عند جمرة العقبة ، ولكنه يأتي منزله فيحلق أو يقصر ، والحلق أفضل ; لأنه جاء أوان ، والتحلل بالحلق أو بالتقصير كما أشار الله عز وجل إليه في قوله { التحلل عن الإحرام ، ثم ليقضوا تفثهم } وقضاء التفث بالحلق يكون .
وروي { أم سليم رضي الله عنها } ، ولم يذكر الذبح هنا ; لأنه من حكم المفرد بالحج ، وليس عليه هدي وهو مسافر أيضا لا تلزمه التضحية ، ولكنه لو تطوع بذبح الهدي فهو حسن يذبحه بعد الرمي قبل الحلق لما روينا أن أول نسكنا أن نرمي ، ثم نذبح ، ثم نحلق والحلق أفضل من التقصير ; لأن الله تعالى بدأ به في كتابه في قوله { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذبح هداياه دعا بالحلاق فأهوى إليه الشق الأيمن من رأسه فحلقه ، وقسم شعره على أصحابه رضي الله عنهم ، ثم حلق الشق الأيسر وأعطى شعره محلقين رءوسكم ومقصرين } وقال { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } فهذا بيان أنه ينبغي أن يتحلل بالحلق . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فقد [ ص: 22 ] ظاهر في هذا الدعاء ثلاث مرات للمحلقين فدل أنه أفضل . رحم الله المحلقين فقيل : والمقصرين فقال : رحم الله المحلقين حتى قال في الرابعة : والمقصرين
( قال ) ثم قد حل له كل شيء إلا النساء فالحاصل أن في الحج إحلالين : أحدهما بالحلق ، والثاني بالطواف . فبالحلق يحل له كل شيء كان حراما على المحرم إلا النساء ، وقال رحمه الله تعالى إلا النساء والطيب . وقال مالك رحمه الله تعالى إلا النساء وقتل الصيد ; لأنهما محرمان بنص القرآن فلا ترتفع حرمتهما إلا بتمام الإحلال ، ولكنا نقول قتل الصيد ليس نظير الجماع ألا يرى أن الإحرام يفسد بالجماع ، وقتل الصيد لا يفسده فكان هو نظير سائر المحظورات يرتفع بالحلق الليث رحمه الله تعالى يقول استعمال الطيب من دواعي الجماع فلا يحل إلا بالطواف كنفس الجماع ، وحجتنا حديث ومالك رضي الله عنها { عائشة بالبيت } واستعمال الطيب لا يفسد الإحرام بحال بخلاف النساء فكان قياس سائر المحظورات . كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف
ولهذا الأصل قال رحمه الله تعالى حرمة الجماع فيما دون الفرج ترتفع بالحلق أيضا ; لأنه لا يفسد الإحرام بحال . ولكنا نقول ما يقصد منه قضاء الشهوة بالنساء فحله مؤخر أيضا إلى تمام الإحلال بالطواف شرعا ، وفي ذلك الجماع في الفرج ، وفيما بعد الفرج سواء الشافعي