الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) محرم كسر بيض صيد فعليه قيمته ، وقال ابن أبي ليلى رضي الله عنه عليه درهم ، ومذهبنا مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم ، والمعنى فيه ، وهو أن البيض أصل الصيد فإنه معد ليكون صيدا ما لم يفسد فيعطى له حكم الصيد في إيجاب الجزاء على المحرم بإفساده كما أن الماء في الرحم جعل بمنزلة الولد في حكم العتق والوصية ، ولأنه منع حدوث معنى الصيدية فيه فيجعل كالمتلف بعد الحدوث بمنزلة المغرور يضمن قيمة الولد لأنه منع [ ص: 88 ] حدوث الرق فيه فإن كان فيه فرخ ميت فعليه قيمة الفرخ حيا ، وهذا استحسان ، وفي القياس لا يغرم إلا قيمة البيضة لأنه لم تعلم حياة الفرخ قبل كسره ، ولكنه استحسن فقال البيض ما لم يفسد فهو معد ليخرج منه فرخ حي ، والتمسك بهذا الأصل واجب حتى يظهر خلافه ، ولأن كسر البيضة سبب لموت الفرخ إذا حصل قبل أوانه فإذا ظهر الموت عقيب هذا السبب يحال به عليه ، وكذلك لو ضرب بطن ظبية فطرحت جنينا ميتا ثم ماتت فعليه جزاؤهما جميعا أخذا فيه بالثقة لأن الضرب سبب صالح لموتهما ، وقد ظهر الموت عقيبه ، وإنما أراد بقوله أخذا بالثقة الإشارة إلى الفرق بين هذا وبين الضمان الواجب لحق العباد فإن من ضرب بطن جارية فألقت جنينا ميتا وماتت لما وجب هناك ضمان الأصل لم يجب ضمان الجنين لأن الجنين في حكم الجزء من وجه ، وفي حكم النفس من وجه ، والضمان الواجب لحق العباد غير مبني على الاحتياط فلا يجب في موضع الشك فأما جزاء الصيد مبني على الاحتياط فلهذا رجح شبه النفس في الجنين فأوجب عليه جزاءهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية