( قال ) وإن فعليه دم ، ولم يذكر الربع في الكتاب ، والجواب : في الربع كذلك لما بينا أن ما يتعلق بالرأس فالربع فيه بمنزلة الكمال كما في الحلق عند التحلل ، وهذا لأن حلق بعض الرأس لمعنى الراحة والزينة معتاد فإن أخذ ثلث رأسه أو ثلث لحيته الأتراك يحلقون أوساط رءوسهم ، وبعض العلوية يحلقون نواصيهم لابتغاء الراحة والزينة فتتكامل الجناية بهذا المقدار ، والجناية المتكاملة توجب الجبر بالدم ثم الأصل بعد هذا أنه متى فعليه دم ، وإن حلق ما ليس بمقصود فعليه الصدقة ، ومما ليس بمقصود : حلق شعر الصدر أو الساق ، ومما هو مقصود : حلق الرأس أو الإبطين [ ص: 74 ] فإن حلق أحدهما أو نتف أو أطلى بنورة فعليه الدم أيضا ; لأن كل واحد منهما مقصود بالحلق لمعنى الراحة ، وفيما ذكر إشارة إلى أن السنة في الإبطين النتف دون الحلق فإنه قال نتف إبطيه أو أحدهما ، ولم يذكر الحلق فإن حلق عضوا مقصودا بالحلق من بدنه قبل أوان التحلل فعليه دم في قول حلق موضع المحاجم رحمه الله تعالى ، وفي قولهما عليه صدقة ; لأن ذلك الموضع غير مقصود بالحلق ، وإنما يحلق للتمكن من الحجامة فهو بمنزلة حلق شعر الصدر والساق ، وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم { أبي حنيفة } ، وما كان يرتكب في إحرامه الجناية المتكاملة احتجم ، وهو محرم رحمه الله تعالى يقول إنه حلق مقصود ; لأنه لا يتوصل إلى المقصود إلا به ، وما لا يتوصل إلى المقصود إلا به يكون مقصودا فتتكامل الجناية ، ولم ينقل { وأبو حنيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق موضع المحاجم } إنما نقل عنه الحجامة ، وليس من ضرورته الحلق فإن الحجام إذا كان حاذقا يشرط طولا فلا يحتاج إلى الحلق ، وكذلك إذا لم يكن المحجوم أشعر البدن ، ولم ينقل في { صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أشعر البدن } ، والدليل عليه أنه كان يتحرز عن الجناية الموجبة للصدقة كما يتحرز عن الجناية الموجبة للدم وعندهما هذه جناية موجبة للصدقة