( قال ) : وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة أما المكي فلأنه ليس له أن يتمتع بالنص ; لأن الله تعالى قال في ذلك { لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } واختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في حاضري المسجد الحرام ، فقال رحمه الله تعالى : هم أهل مالك مكة خاصة ، وقال رحمه الله تعالى هم أهل الشافعي مكة ومن يكون منزله من مكة على مسيرة لا يجوز فيها قصر الصلاة ، وقلنا أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة بدليل أنه يجوز لهم دخول مكة بغير إحرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا وكما لا يتمتع من هو من حاضري المسجد الحرام ، فكذلك لا يقرن بين الحج والعمرة . وعند رحمه الله تعالى يجوز له القران من قبل أن القارن على قوله يترفه بإدخال عمل أحد النسكين في الآخر ، والمكي في هذا وغيره سواء ، وعندنا معنى الترفه بالقران والتمتع في أداء النسكين في سفر واحد لا في إدخال عمل أحدهما في الآخر ، ومن كان من حاضري الشافعي المسجد الحرام فهو غير محتاج إلى السفر لأداء المناسك ولا يلحقه بالسفر كثير مشقة فكما لا يكون له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج فكذلك لا يكون له أن يقرن بينهما عندنا إلا أن بالكوفة فلما انتهى إلى الميقات قرن بين الحج والعمرة فأحرم لهما صح ويلزمه دم القران ; لأن صفة القارن أن تكون حجته وعمرته متقارنتين يحرم بهما جميعا معا ، وقد وجد هذا في حق المكي ، ولو المكي إذا كان لا يكون متمتعا لأن الآفاقي إنما يكون متمتعا إذا لم يلم بأهله بين النسكين إلماما صحيحا ، والمكي هنا يلم بأهله بين النسكين حلالا إن لم يسق الهدي ، وكذلك إن ساق الهدي لا يكون متمتعا بخلاف الآفاقي إذا ساق الهدي ، ثم ألم بأهله محرما كان متمتعا ; لأن العود هناك مستحق عليه فيمنع ذلك صحة إلمامه بأهله وهنا العود غير مستحق عليه ، وإن ساق الهدي فكان إلمامه بأهله صحيحا ، فلهذا [ ص: 170 ] لم يكن متمتعا ، وعلى هذا روى اعتمر هذا المكي في أشهر الحج ، ثم حج من عامه ذلك هشام عن - رحمهما الله تعالى - أن أبي يوسف الكوفة ، ثم مات وأوصى بأن يحج عنه من منزله وهو المكي إذا خرج إلى بمكة بمنزلة الآفاقي يخرج مسافرا فيوصي بأن يحج عنه ، ولو الكوفة ; لأن القران لا يكون من أوصى هذا المكي بأن يقرن عنه من مكة فعرفنا أن مراده أن يقرن عنه من حيث هو .
( قال ) : مكة لحاجة له فلم يجاوز الوقت فله أن يدخل والمكي إذا خرج من مكة بغير إحرام ، وإن جاوز لم يكن له أن يدخل مكة إلا بإحرام لما بينا أن من قصد إلى موضع فحاله في حكم الإحرام كحال أهل ذلك الموضع