( قال ) : مكة بغير إحرام لحاجة له ، فقال : عليه حجة أو عمرة أي ذلك شاء ; لأن دخول [ ص: 172 ] كوفي دخل مكة سبب لوجوب الإحرام عليه فمباشرة ذلك السبب بمنزلة التزامه الإحرام بالنذر ، وفي نذر الإحرام يلزمه حجة أو عمرة فكذلك إذا لزمه الإحرام بدخول مكة فإن رجع إلى الميقات فأهل بحجة الإسلام أجزأه عن حجة الإسلام وعما لزمه بدخول مكة استحسانا عندنا . وفي القياس لا يجزئه عما لزمه لدخول مكة وهو قول رحمه الله تعالى ; لأنه بدخول زفر مكة بغير إحرام وجب عليه حجة أو عمرة وصار ذلك دينا في ذمته ، وحجة الإسلام لا تنوب عما صارت نسكا دينا في ذمته ، ألا ترى أنه لو تحولت السنة ، ثم أحرم بالحج في السنة الثانية من الميقات لا ينوب هذا عما لزمه لدخول مكة فكذلك في السنة الأولى ، ولكن استحسن علماؤنا - رحمهم الله تعالى - فقالوا : لو كان حين انتهى إلى الميقات في الابتداء أحرم بحجة الإسلام ناب ذلك عما يلزمه لدخول مكة ; لأن الواجب عليه أن يكون محرما عند دخول مكة لا أن يكون إحرامه لدخول مكة كمن اعتكف في رمضان أجزأه ; لأن الواجب عليه أن يكون صائما في مدة الاعتكاف لا أن يكون صومه للاعتكاف ، فإذا عرفنا هذا فنقول لو كأن يؤدي حجة الإسلام بذلك الإحرام في تلك السنة ، وقد أداها حين عاد إلى الميقات فأحرم بحجة الإسلام فصار به متلافيا للمتروك فيسقط عنه ما لزمه لدخول أحرم عند الميقات في الابتداء مكة ، فأما بعد ما تحولت السنة لم يصر متلافيا للمتروك ; لأنه لو أحرم بالحج في السنة الأولى لم يكن له أن يؤدي الحج بذلك الإحرام في الثانية فعرفنا أنه لا يصير متلافيا للمتروك فإن قيل أليس أنه لو عاد إلى الميقات وأحرم بعمرة منذورة لا يسقط عنها بهذا العود ما لزمه بدخول مكة وهو حين انتهى إلى الميقات لو أحرم بالعمرة المنذورة ودخل به مكة لا يلزمه شيء ، ثم لا يصير به متداركا لما هو الواجب ؟ .
( قلنا ) هو خارج على ما ذكرنا ; لأن فيكره أداؤها في خمسة أيام من السنة فلو أحرم بها في الابتداء لم يكن له أن يؤخرها إلى الوقت المكروه فلا يصير بالرجوع إلى الميقات والإحرام بالعمرة متداركا للمتروك العمرة ، وإن لم تكن مؤقتة