الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وبلغنا عن صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة } ، وفيه دليل على أن نكاح الأمة على الحرة لا يجوز وأن هذه الحرمة ثابتة شرعا رضيت الحرة أو لم ترض ، وهو مذهبنا ، وقال مالك رحمه الله تعالى إذا رضيت الحرة جاز قال : لأن المنع لحق الحرة لا للجمع بدليل أنه إذا تقدم نكاح الأمة بقي نكاحها بعد الحرة والجمع موجود فدل أن المنع لحق الحرة ، وهو أنه يغصها إدخال ناقصة الحال في فراشها ، وذلك ينعدم برضاها ، ولكنا نقول : المنع ليس لحقها بل ; لأنها ليست من المحللات مضمومة إلى الحرة وهي من المحللات منفردة عن الحرة فإن الحل برقها ينتصف كما ينتصف برق الرجل على ما نبينه إن شاء الله تعالى فإذا تزوجها على الحرة فهذا حال ضمها إلى الحرة وهي ليست من المحللات في هذه الحالة ، وهذا المعنى لا يزول برضاها فلهذا لا يجوز النكاح ، والكلام فيه أن هذا الحديث ناسخ لما في الكتاب أو مبين بطريق التخصيص على نحو ما بينا في الحديث الأول ، ثم ذكر هذا اللفظ عن علي رضي الله عنه أيضا وزاد فيه وللحرة الثلثان من القسم وللأمة الثلث وبه نأخذ فإن القسم ينبني على الحل الذي ينبني عليه النكاح وحظ الأمة فيه على النصف من حظ الحرة ، وزعم بعض العلماء - رحمهم الله تعالى - أنه يسوي بينهما في القسم كما يسوي بينهما في النفقة للمساواة بينهما في الملك والحاجة ، ولكنا نقول لا يسوي بينهما في النفقة أيضا فالحرة تستحق نفقة خادمها كما تستحق نفقة نفسها والأمة لا تستحق النفقة إلا أن يبوئها المولى بيتا مع زوجها

التالي السابق


الخدمات العلمية