( قال ) : ولا بأس بأن يتزوج المسلم الحرة من أهل الكتاب لقوله تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } الآية ، وكان رضي الله عنهما لا يجوز ذلك ويقول : الكتابية مشركة ، وقد قال الله تعالى { ابن عمر ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } ، وكان يقول : معنى الآية الثانية واللاتي أسلمن من أهل الكتاب ولسنا نأخذ بهذا فإن الله تعالى عطف المشركين على أهل الكتاب فدل أن اسم المشرك لا يتناول الكتابي مطلقا ، ولو حملنا الآية الثانية على ما قال رضي الله عنهما لم يكن لتخصيص الكتابية بالذكر معنى فإن غير الكتابية إذا أسلمت حل نكاحها . وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه تزوج يهودية ، وكذلك حذيفة بن اليمان كعب بن مالك - رحمهما الله تعالى تزوج يهودية ، وكذلك إن جاز ، والقسم بينهما سواء كأن جواز النكاح ينبني على الحل الذي به صارت المرأة محلا للنكاح وعلى ذلك ينبني القسم والمسلمة والكتابية في ذلك سواء إسرائيلية كانت أو غير إسرائيلية . وبعض من لا يعتبر قوله فصل [ ص: 211 ] بين الإسرائيلية وغيرها ، ولا معنى لذلك في الجواز لكونها كتابية ، وأما المجوسية لا يجوز نكاحها للمسلم ; لأنها ليست من تزوج الكتابية على المسلمة أو المسلمة على الكتابية أهل الكتاب . وذكر في تفسيره عن ابن إسحاق رضي الله عنه جواز علي بناء على ما روي عنه أن نكاح المجوسية المجوس أهل كتاب ، ولكن لما واقع ملكهم أخته ، ولم ينكروا عليه أسرى بكتابهم فنسوه ، وهو مخالف للنص فإن الله تعالى قال { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } ، وإذا قلنا للمجوس كتاب كانوا ثلاث طوائف ، وقال صلى الله عليه وسلم { بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ، ولا آكلي ذبائحهم } ولئن كان الأمر على ما قال سنوا رضي الله عنه ، ولكن بعد ما نسوا خرجوا من أن يكونوا أهل كتاب ، فأما علي فإنه يجوز للمسلم عند نكاح الصابئة رحمه الله تعالى ويكره ، ولا يجوز عند أبي حنيفة أبي يوسف - رحمها الله تعالى - وكذلك ذبائحهم ، وهذا الاختلاف بناء على أن الصابئين منهم فوقع عند ومحمد رحمه الله أنهم قوم من أبي حنيفة النصارى يقرءون الزبور ويعظمون بعض الكواكب كتعظيمنا القبلة وهما جعلا تعظيمهم لبعض الكواكب عبادة منهم لها فكانوا كعبدة الأوثان ، وقالا : إنهم يخالفون النصارى واليهود فيما يعتقدون فلا يكونون من جملتهم ، ولكن رحمه الله تعالى يقول : مخالفتهم أبو حنيفة للنصارى في بعض الأشياء لا تخرجهم من أن يكونوا من جملتهم كبني تغلب فإنهم يخالفون النصارى في الخمور والخنازير ، ثم كانوا من جملة النصارى