الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فأما إذا قال اعتدي فهذا اللفظ كناية لأنه محتمل يحتمل أن يكون مراده اعتدي نعم الله أو نعمي عليك أو اعتدي من النكاح فإذا نوى به الطلاق وقعت تطليقة رجعية لأن وقوع الطلاق ليس بحقيقة اللفظ فإن حقيقته في الحساب فلا تأثير له في إزالة الملك والعدة تجامع النكاح ابتداء وبقاء ولكن من ضرورة عدتها من النكاح تقدم الطلاق فكان وقوع الطلاق بطريق الإضمار في كلامه فكأنه قال طلقتك فاعتدي ، ولهذا قلنا إنه وإن تكلم بهذا اللفظ قبل الدخول تعمل نيته في الطلاق ولا عدة عليها قبل الدخول فعرفنا أن اللفظ غير عامل في حقيقته ولكن الطلاق فيه مضمر يظهر عند نيته عرفنا ذلك بالنص ، وهو { قوله صلى الله عليه وسلم لسودة حين أراد أن يطلقها اعتدي } ، وكذلك قوله استبرئي رحمك بمنزلة التفسير لقوله اعتدي لأنه تصريح بما هو المقصود من العدة ، وكذلك لو قال لها أنت واحدة لأنه كلام محتمل يجوز أن يكون قوله واحدة نعتا لها أي واحدة عند قومك أو منفردة عندي ليس معك غيرك أو واحدة نساء العالم في الجمال ويحتمل أن يكون نعتا لتطليقة أي أنت طالق واحدة فلا يقع الطلاق به إلا بالنية ، فإذا نوى يقع به تطليقة رجعية لأن الوقوع بطريق الإضمار فكأنه صرح بما هو المضمر .

وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يقع بهذا اللفظ شيء وإن نوى لأن قوله واحدة نعت لها وليس فيه احتمال معنى الطلاق أصلا ولكنا نقول كلام العاقل متى أمكن حمله على ما هو مفيد يحمل عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية