( قال ) : وإن طلقت حين تزوجها إن مات أولم يمت ; لأنها بنفس العقد استحقت اسم الأولية بصفة الفردية ، فإن دخل بها فلها مهر ونصف مهر ، ونصف مهر بالطلاق الواقع قبل الدخول ومهر بالدخول بها ; لأن الحد قد سقط عنه بشبهة اختلاف العلماء ، والوطء في غير الملك لا ينفك عن حد أو مهر فإذا سقط الحد لشبهة وجب المهر ، وإن قال : أول امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة فإحداهما طالق ، والخيار إليه ; لأنا تيقنا بوجود الشرط ، وهو تزوج امرأة فإن في المرأتين امرأة فلهذا طلقت إحداهما بغير عينها ; لأن كل واحدة منهما تزاحم الأخرى في الاسم الذي أوقع الطلاق به ، ولا وجه للإيقاع عليهما ; لأنه علق بالتزوج طلاق امرأة واحدة لا طلاق امرأتين فلهذا تطلق إحداهما ، والخيار إليه ، وإن كان نوى امرأة وحدها لم يدن في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه ذكر التزوج بامرأة مطلقا ، ثم قيدها بنيته ، وهو أن تكون وحدها ، وتقييد المطلق كتخصيص العام ، وقد بينا أن نية التخصيص في العام صحيحة فيما بينه وبين الله تعالى غير صحيحة في القضاء فكذلك التقييد . قال : إذا تزوجت امرأة فهي طالق فتزوج امرأتين في عقدة
وإن كان قال : إن تزوجت امرأة وحدها ، ثم تزوج امرأتين في عقدة لم تطلق واحدة منهما ; لأن التقييد هنا بنص كلامه ، وواحدة منهما لم تتصف منهما بتلك الصفة التي نص عليها في الشرط ; لانضمام الأخرى إليها في العقد ، وإن تزوج أخرى بعدهما طلقت ; لأنها موصوفة بالصفة التي نص عليها في الشرط فإنها امرأة تزوجها وحدها ، وهو كما لو تطلق الثالثة بخلاف قوله : أول امرأة أتزوجها ; لأن هناك نص في الشرط على وصفين : الفردية ، والسبق ، وقد انعدم في الثالثة صفة السبق ، وهنا الشرط صفة واحدة ، وهي الفردية ، وقد وجد ذلك في الثالثة ; فلهذا تطلق . قال : إذا تزوجت امرأة سوداء فهي طالق فتزوج بيضاوين ، ثم تزوج سوداء
وإن فهي طالق ; لأنه تزوجها بعبارة الوكيل فكأنه تزوجها بعبارة نفسه ، وهذا ; لأن الوكيل في النكاح معبر حتى لا يتعلق به شيء من العهدة ، ولا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ، وبه فارق البيع ، والشراء إذا حلف لا يفعله فأمر غيره حتى باشره لم يحنث في يمينه ; لأن العاقد لغيره في البيع ، والشراء كالعاقد لنفسه حتى تتعلق به العهدة ، ويستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ، ولا يصير الموكل عاقدا [ ص: 133 ] بمباشرة الوكيل ، وإن عني في النكاح ما ولي عقده بنفسه لا يدين في القضاء ، وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه في معنى نية التخصيص في العام فإن مطلق اللفظ يتناول مباشرته بنفسه ومباشرة الغير له بأمره ، وكذلك إن حلف أن لا يطلقها فأمر غيره فطلقها حنث ; لأن الزوج هو المطلق بعبارة الوكيل فإن الوكيل بالطلاق معبر ألا ترى أنه لو قال لها : أنت طالق إن شئت فشاءت أو قال : اختاري فاختارت نفسها كان الزوج هو المطلق لها فكذلك هنا ، وإن قال : نويت أن أطلقها بلساني لم يدن في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام . قال : يوم أتزوج فلانة فهي طالق فأمر رجلا فزوجها إياه
وإذا ، أو قال : أنت طالق ، وطالق ، وطالق بانت بالأولى عندنا ، وعند قال لامرأته ولم يدخل بها : أنت طالق ، وأنت طالق ، وأنت طالق رحمه الله تطلق ثلاثا ; لأن الواو للجمع فجمعه بين التطليقات بحرف الجمع كجمعه بلفظ الجمع بأن يقول لها : أنت طالق ثلاثا ، ولكنا نقول : الواو للعطف فلا يقتضي جمعا ، وليس في آخر كلامه ما يغير موجب أوله ; لأن موجب أول الكلام وقوع الطلاق ، وهو واقع أوقع الثانية ، والثالثة ، أو لم يوقع فتبين بالأولى كما تكلم بها ، ثم قد تكلم بالثانية ، وهي ليست في عدته ، وهذا بخلاف ما لو ذكر شرطا ، أو استثناء في آخر كلامه ; لأن في آخر كلامه ما يغير موجب أوله فتوقف أوله على آخره . مالك