الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإن قال لها المولى : أنت حرة غدا ، وقال الزوج : أنت طالق ثلاثا بعد الغد ، فإن كان يعلم بمقالة المولى فهو فار ، وإن لم يعلم بذلك فليس بفار ; لأنه لا حق لها في ماله حين علق الزوج ; لكونها رقيقة ، ولكنه إذا أضاف إلى وقت يعلم أنها تكون حرة في ذلك الوقت ، وإن حقها يكون متعلقا بماله فقد قصد إبطال حقها ، وإن لم يعلم بذلك لم يكن قاصدا إسقاط حقها فلهذا لا ترثه .

وإن أعتقها المولى ، ثم طلقها الزوج ثلاثا ، وهو لا يعلم بالعتق فلها الميراث منه ; لأنها حين عتقت ، والزوج مريض فقد تعلق حقها في ماله ، فلو سقط إنما يسقط بإيقاعه الثلاث ، وذلك غير مسقط لميراثها مادام في العدة ، وجهل الزوج بالعتق لا يكون معتبرا في إسقاط حقها ، وهذا بخلاف ما سبق من قول الزوج لها : أنت طالق ثلاثا بعد غد ; لأن هناك لا حق لها في ماله حين تكلم الزوج بالطلاق .

ألا ترى أنه لو نجز طلاقها في ذلك الوقت لم ترث ، فلم يكن الزوج مسقطا حقا ثابتا لها ، ولكن إذا كان عالما بمقالة المولى فقد أضاف الطلاق إلى وقت يعلم حريتها فيه ، فكان ذلك قصدا منه الإضرار بها فيرد عليه قصده ، وإن لم يكن عالما بمقالة المولى فلم يوجد منه القصد إلى إضرارها فلا يكون فارا لهذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية