( قال ) وإذا في القياس لا تطلق ; لأنها ما اختارت نفسها وقد كان القياس في أصل هذا اللفظ أن لا يقع به شيء تركنا القياس لآثار الصحابة رضي الله عنهم وإنما ورد الأثر في اختيارها نفسها فما سوى ذلك يبقى على أصل القياس ولكنه استحسن فقال هي طالق ; لأن هذا في معنى اختيارها نفسها فإنها إنما تختار الأزواج إذا ملكت أمر نفسها وإنما تتمكن من الرجوع إلى بيت أبيها وأهلها إذا ملكت أمر نفسها فكان هذا في معنى اختيارها بخلاف ما لو قال لها اختاري الأزواج أو اختاري أهلك أو أبويك فقالت قد اخترت الأزواج أو أبي أو أهلي وقد عني الزوج الطلاق فإن هذا ليس في معنى اختيارها نفسها من كل وجه فيؤخذ فيه بالقياس [ ص: 216 ] ولا يقع عليها شيء ولو قال اختاري أختك أو أخاك أو ذا رحم محرم منك فاختارت ذلك وهو ينوي الطلاق في القياس لا تطلق ; لأن كلامها وعد وليس بإيجاب . قال لها اختاري فقالت أختار نفسي
ألا ترى أنه لو لم يقع شيء ولكن في الاستحسان تطلق ; لأن قولها أختار وعد صورة وإيجاب معنى والعادة الظاهر في هذا اللفظ أنه يراد به الحال دون الاستقبال يقول الرجل فلان يختار كذا وأنا أختار كذا والشاهد يقول بين يدي القاضي أشهد والمؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله والمراد به التحقيق دون الوعد ولم يوجد مثل هذه العادة في قولها أنا أطلق نفسي فلهذا يؤخذ هناك بالقياس ولو قال لها طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي لم يقع شيء كما لو قالت اخترت ; لأن قولها قد فعلت في معنى الإبهام أزيد من قولها قد اخترت وإذا قال لها اختاري فقالت قد فعلت طلقت كما لو قالت اخترت ; لأنها أخرجت الكلام مخرج الجواب فيصير ما تقدم في الخطاب كالمعاد في الجواب وإن قال اختاري نفسك فقالت قد فعلت وقع الطلاق عليها ; لأن في اختيارها نفسها مشيئة وزيادة وإن قال اختاري إن شئت فقالت قد اخترت نفسي لم يلزمها المال ; لأن وجوب المال عليها بإزاء البينونة ولا يحصل ذلك إذا اختارت زوجها بخلاف ما إذا اختارت نفسها فالبينونة قد حصلت هنا وقد أوجب الزوج ذلك لها بعوض وفي اختيارها نفسها قبول منها . قال اختاري بألف درهم فاختارت زوجها