فأما الربا في اللغة : هو الزيادة . يقال : أربى فلان على فلان ، أي زاد عليه . ويسمى المكان المرتفع ربوة لزيادة فيه على سائر الأمكنة . وفي الشريعة : الربا : هو الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع ; لما بينا : أن البيع الحلال مقابلة مال متقوم بمال متقوم فالفضل الخالي عن العوض إذا دخل في البيع كان ضد ما يقتضيه البيع فكان حراما شرعا ، واشتراطه في البيع مفسد للبيع ، كاشتراط الخمر وغيرها . الكتاب والسنة . أما الكتاب فقوله تعالى : { والدليل على حرمة الربا : وحرم الربا . } وقد ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات ( أحدها : ) التخبط قال الله تعالى : { لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس . } قيل : معناه ينتفخ بطنه يوم القيامة ; بحيث لا تحمله قدماه ، وكلما رام القيام يسقط فيكون بمنزلة الذي أصابه مس من الشيطان ; فيصير كالمصروع الذي لا يقدر على أن يقوم . وقد ورد بنحوه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { : يملأ بطنه نارا بقدر ما أكل من الربا . } والمراد : أن يفتضح على رءوس الأشهاد . كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر { : أن لواء ينتصب يوم القيامة لأكلة الربا فيجتمعون تحته ثم يساقون إلى النار } .
( والثاني ) : المحق قال الله تعالى : { يمحق الله الربا } . والمراد : الهلاك والاستيصال ، وقيل : ذهاب البركة والاستمتاع ; حتى لا ينتفع هو به ولا ولده بعده . ( والثالث ) : الحرب . قال الله تعالى : { فأذنوا بحرب من الله ورسوله . } والمعنى من القراءة بالمد : أعلموا الناس أكلة الربا أنكم حرب الله ورسوله بمنزلة قطاع [ ص: 110 ] الطريق . والقراءة بالقصر اعلموا أن أكلة الربا حرب الله ورسوله . ( والرابع ) : الكفر قال الله تعالى : { وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . } وقال تعالى : { والله لا يحب كل كفار أثيم . } أي : كفار باستحلال الربا أثيم فاجر بأكل الربا . ( والخامس ) : الخلود في النار . قال الله تعالى : { ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } . والسنة جاءت بتأييد ما قلنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } . : أكل درهم واحد من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنية يزنيها الرجل . من نبت لحمه من حرام فالنار أولى به