فأما يجوز في قول بيع الحنطة المبلولة باليابسة أو الرطبة باليابسة وفي قول أبي حنيفة لا يجوز وذكر في نسخ محمد أبي حفص قول كقول أبي يوسف رحمهما الله تعالى وهو قوله الآخر فأما قوله الأول كقول أبي حنيفة محمد مر على أصله وهو اعتبار المساواة في الكيل عند العقد فأبو حنيفة مر على أصله وهو اعتبار المماثلة في أعدل الأحوال كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ومحمد وذلك لا يوجد في الحنطة الرطبة والمبلولة بعد الجفوف سعد رضي الله تعالى عنه يقول القياس ما قاله وأبو يوسف ولكن تركت القياس في الرطب بالتمر للحديث والمخصوص [ ص: 187 ] من القياس بالأثر لا يلحق به إلا ما كان في معناه من كل وجه والحنطة الرطبة ليست في معنى الرطب من كل وجه فالرطوبة في الرطب مقصودة وفي الحنطة غير مقصودة بل هو عيب فلهذا أخذت فيه بالقياس أبو حنيفة يقول تأويل الحديث إن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وقد نقل ذلك في بعض الروايات وفائدة قوله صلى الله عليه وسلم أينقص إذا جف أن الرطب إذا جف ينقص إلا أن يحل الأجل فلا يكون هذا التصرف مفيدا وكان السائل وصيا ليتيم فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك التصرف منفعة لليتيم باعتبار النقصان عند الجفوف فمنع الوصي منه على طريق الإشفاق لا على وجه بيان فساد العقد فأما وأبو حنيفة تجوز عند الحنطة المبلولة بالمبلولة أبي حنيفة رحمهما الله تعالى لما قلنا ولا يجوز عند وأبي يوسف محمد
وكذلك الزبيب المنقع بالمنقع والتمر المنقع بالمنقع يفرق بين هذه الفصول وبين بيع الرطب بالرطب فيقول هناك التفاوت يظهر بعد خروج البدلين عن الاسم الذي عقد به العقد فلا يكون ذلك تفاوتا في المعقود عليه وهذه الفصول تظهر التفاوت بعد الجفوف مع بقاء البدلين على الاسم الذي عقد به العقد فبهذا الحرف يتضح مذهبه في هذه الفصول ثم ذكر بيع الحنطة المقلية بغير المقلية وقد بينا الحكم فيه وأهل الأدب طعنوا عليه في هذا اللفظ فقالوا إنما يقال حنطة مقلوة فأما المقلية المبغضة يقال قلاه يقليه إذا أبغضه ولكنا نقول ومحمد كان فصيحا في اللغة إلا أنه رأى استعمال العوام هذا اللفظ في الحنطة ومقصوده بيان الأحكام لهم فاستعمل فيه اللغة التي هي معروفة عندهم وما كان يخفى عليه هذا الفرق محمد