قال : ( فإن لم يجز العقد عندنا ) وقال : تبايع صبرة بصبرة مجازفة ثم كلنا بعد ذلك فكانتا متساويين يجوز لأن ما هو شرط الجواز وهي المماثلة قد تبين أنه كان موجودا وإن لم يكن معلوما للمتعاقدين فجاز العقد كما لو زوجت امرأة نفسها من رجل وهناك شاهدان يسمعان كلامهما والمتعاقدان لا يعلمان ذلك كان النكاح جائزا وحجتنا في ذلك أن المعتبر لجواز العقد العلم بالمساواة عند العقد لأنه إذا لم يعلم ذلك كان الفضل معدوما موهوما وما هو موهوم الوجود يجعل كالمتحقق فيما بنى أمره على الاحتياط كما في العقوبات التي تندرئ بالشبهات ولأن باب الربا مبني على الاحتياط فالفضل الموهوم فيه كالمتحقق وكذلك لو زفر لا يجوز لأن الحنطة مكيلة فشرط الجواز فيها المماثلة في الكيل وبالمساواة في الوزن لا تعلم المماثلة في الكيل وهذا بخلاف ما لو باع الحنطة بالحنطة وزنا بوزن فإنه يجوز على ما ذكره أسلم في الحنطة وزنا [ ص: 192 ] لأن في المسلم فيه لا تعتبر المماثلة وإنما يعتبر الإعلام على وجه لا يبقى بينهما منازعة في التسليم وذلك يحصل بذكر الوزن كما يحصل بذكر الكيل وبهذه المسألة يتبين الجواب عن الإشكال الذي ذكرنا في مسألة علة الربا على من علل في مسألة بيع الحفنة بالحفنتين أنه إنما جاز لأن للجودة من الحفنة فيما عند مقابلتها بجنسها لأن سقوط قيمة الجودة باعتبار كون المال من ذوات الأمثال الطحاوي
والمماثلة بالمعيار ولا معيار للحفنة بخلاف القفيز فزد على هذا الكلام مسألة الغصب وهو أن يقال لا قيمة للجودة من الحفنة أيضا حتى إذا غصب حفنة من حنطة وذهبت جودتها عنده فاستردها صاحبها لم يكن له أن يضمن الغاصب النقصان لأنا نقول لا قيمة للجودة منها لأنها موزونة لا لأنها مكيلة وكما أن اعتبار الكيل يسقط قيمة الجودة فكذلك باعتبار الوزن إلا أن الشرع أسقط اعتبار الوزن في الحنطة في حكم الربا حيث نص على المماثلة فيه كيلا بقوله صلى الله عليه وسلم { } فلذا جوزنا بيع الحفنة بالحفنتين ولم يجعل للجودة من الحفنة قيمة في الغصب كما جوزنا السلم في الحنطة بذكر الوزن الحنطة بالحنطة كيل بكيل