قال : ( فإن فهو جائز في قول حل السلم فأخره الوكيل مدة معلومة أبي حنيفة رحمهما الله ويضمن طعام السلم للموكل ) وعلى قول ومحمد لا يصح تأخيره وكذلك إن أبي يوسف وأصل هذا أن طعام السلم أصل يقبل [ ص: 206 ] الإبراء قبل القبض وأصل هذا فيما إذا عقد لنفسه ثم أبرأه عن طعام السلم صح أبراؤه في ظاهر الرواية وروى أبرأ المسلم إليه عن طعام السلم الحسن عن أنه لا يصح ما لم يقبل المسلم إليه فإذا قبل كان فسخا لعقد السلم لأن المسلم فيه مبيع وتمليك المبيع من البائع قبل القبض لا يجوز ما لم يقبل فإذا قبل انفسخ العقد كالمشترى إذا وهب المبيع من البائع قبل القبض ووجه ظاهر الرواية أن المسلم فيه دين لا يستحق قبضه في المجلس فيصح الإبراء عنه كالثمن في البيع بخلاف بدل الصرف أو رأس مال السلم فإن قبضه في المجلس مستحق وهذا لأن استحقاق القبض في المجلس للتعيين الذي هو شرط العقد والإبراء مفوت لذلك أبي حنيفة
وأما الدين الذي لا يستحق قبضه في المجلس فتعيينه ليس شرطا لجواز إسقاط القبض فيه بالإبراء يوضحه أن المسلم فيه من حيث إنه دين يجب بالعقد كان بمنزلة الثمن ومن حيث إن العقد يضاف إليه ويورد عليه كان بمنزلة المبيع فتوفر حظه عليهما فنقول لشبهه بالبيع لا يجوز الاستبدال به قبل القبض ولشبهه بالثمن يجوز إسقاط القبض فيه بالإبراء إذا ثبت هذا فيما إذا كان عقد السلم فنقول لنفسه فكذلك الجواب إذا كان وكيلا يصح أبراؤه ويضمن مثله للموكل في قول أبي حنيفة رحمهما الله ولا يصح أبراؤه في قول ومحمد وكذلك الخلاف في المتاركة إذا أبي يوسف وكذلك الخلاف في تارك الوكيل السلم مع المسلم إليه صح ذلك وضمنه للموكل في قول الوكيل بالبيع إذا أبرأ المشتري عن الثمن أو وهبه له أو أجله فيه أبي حنيفة رحمهما الله وقال : ومحمد لا يصح شيء من ذلك أستحسن ذلك وأدع القياس فيه قال : أبو يوسف محمد بن مقاتل وهذا عجب من يقول أستحسن والقياس ما قاله لأن الثمن والمسلم فيه ملك الموكل فإنه بدل ملكه وإنما يملك البدل بملك الأصل ألا ترى أن بقبضه يتعين ملك الموكل وإنما يتعين بالقبض ملك من كان مالكا قبله فالوكيل تصرف في ملك الغير بخلاف ما أمره به فلا ينفذ تصرفه كما لو قبضه فوهبه منه ودليل أن تصرفه بخلاف ما أمره به فلا ينفذ تصرفه كما لو قبضه فوهبه منه ودليل أن تصرفه ما أمره به أن الوكيل ضامن عندكم ولا يضمن إلا بالخلاف والدليل على أنه ملك الموكل أن الموكل لو كان هو الذي أبرأه عنه صح ولو قبضه جاز قبضه وكذلك لو اشترى به شيئا أو صالح منه على عين بالثمن صح ولو كان للمشتري على الموكل دين فاشترى من الوكيل شيئا حتى وجب للموكل على المشتري دين أيضا يصير قصاصا بدينه فبه يتبين أن الثمن الذي يجب بعقد الوكيل ملك الموكل [ ص: 207 ] وإن الزكاة في هذا المال تجب على الموكل فعرفنا أن الملك له . أبي يوسف
وجه قول أبي حنيفة رحمهما الله أن الوكيل تصرف في خالص حقه فينفذ تصرفه كما لو كان عاقدا لنفسه وبيان الوصف في التأجيل ظاهر لأنه يؤخر المطالبة ولا يسقط أصل الثمن والمطالبة حق الوكيل حتى ينفرد به على وجه لا يملك أحد عزله عنه وليس لأحد أن يطالب إلا بأمره وكذلك الإبراء فإنه إسقاط حق القبض والقبض خالص حقه لأنه حكم العقد وهو في حكم العقد بمنزلة العاقد لنفسه بدليل أنه لا يعزله أحد عنه وأن المشتري لا يجبر على التسليم إلا إليه وإنما يخلفه الموكل في ملك المال بمقابلة ملكه والمال هو المقبوض دون الدين والدين ليس بمال حتى أن من حلف أن لا مال له وله ديون على الناس لا يحنث فعرفنا أن القبض خالص حقه فيصح إسقاطه بالأبراء ثم يتعدى هذا التصرف إلى إبطال حق الموكل في المال باعتبار المال لأنه لو قبض كان المقبوض ملكه وقد فات ذلك بإسقاطه فيكون ضامنا له كالراهن إذا أعتق المرهون ينفذ تصرفه لمصادفة حقه ويضمن قيمة المالية للمرتهن لأنه تلفه بتصرفه ملك المالية وكذلك أحد الشريكين إذا أعتق وهو ميسور وهو مسقط للقبض على وجه يتضمن تمليك الدين ممن عليه فمن حيث إنه إسقاط صح منه وبرئ المشتري ومن حيث إنه تمليك الثمن الذي هو حق الموكل من المشتري صار ضامنا له كالوكيل بالشراء إذا رضي بالعيب وإلى الموكل أن يرضى به فإن رضى الوكيل يعتبر بانقطاع منازعته مع البائع غير معتبر في إلزام الموكل فيختص هو بضرره وهذا لأن الإسقاط أصل في الإبراء ومعنى التمليك بيع ولهذا صح بدون القبول وإن كان يرتد بالرد وأما قبض الثمن فالمقبوض عين ملك الموكل فهبته بعد ذلك تصرف في حق الغير ومحمد