باب . التكبير في أيام التشريق
اتفق المشايخ من الصحابة عمر وعلي رضي الله عنهم أنه يبدأ بالتكبير من صلاة الغداة من يوم وابن مسعود عرفة وبه أخذ علماؤنا رضي الله عنهم في ظاهر الرواية لقوله تعالى { واذكروا [ ص: 43 ] الله في أيام معدودات } وهي أيام العشر عند المفسرين فيقتضي أن يكون التكبير فيها مشروعا إلا ما قام عليه الدليل وعن رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن عمر عرفة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد } ولأن هذه التكبيرات لإظهار فضيلة وقت الحج ومعظم أركان الحج الوقوف فينبغي أن يكون التكبير مشروعا في وقته ولهذا قال : أفضل ما قلت وقالت الأنبياء قبلي يوم : البداءة من صلاة الظهر يوم مكحول عرفة لأن وقت الوقوف بعد الزوال ثم قال رضي الله عنه : إلى صلاة العصر من يوم النحر يكبر في العصر ثم يقطع وبه أخذ ابن مسعود رضي الله عنه لأن البداءة لما كانت في يوم يؤدي فيه ركن الحج فالقطع مثله يكون في يوم النحر الذي يؤدى فيه ركن الحج من الطواف ولأن رفع الأصوات بالتكبير في أدبار الصلوات خلاف المعهود فلا يثبت إلا باليقين واليقين فيما اتفق عليه كبار الصحابة وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه : إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق يكبر في العصر ثم يقطع وهو إحدى الروايتين عن علي رضي الله عنه وفي الأخرى إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق وأخذ عمر أبو يوسف رحمهما الله تعالى بقول ومحمد رضي الله عنه لقوله تعالى { علي واذكروا الله في أيام معدودات } وهي إما أيام التشريق أو أيام النحر فينبغي أن يكون التكبير فيها مشروعا ولأنا أمرنا بإكثار الذكر ولأن يكبر ما ليس عليه أولى من أن يترك ما عليه واتفق الشبان من الصحابة زيد بن ثابت وابن عمر رضي الله عنهم على أنه يبدأ بها من صلاة الظهر يوم النحر وإليه رجع وابن عباس لقوله تعالى { أبو يوسف فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم } والفاء للتعقيب وقضاء المناسك وقت الضحى من يوم النحر فينبغي أن يكون التكبير عقيبه والناس في هذه التكبيرات تبع للحاج ثم الحاج يقطعون التلبية عند رمي جمرة العقبة ويأخذون في التكبيرات وذلك وقت الضحوة فعلى الناس أن يكبروا عقيب أول صلاة مؤداة بعد هذا الوقت وهي صلاة الظهر ثم قال رضي الله عنهما : إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إلى صلاة الظهر وقال ابن عباس : إلى صلاة العصر وبه أخذ زيد رضي الله عنه . الشافعي
: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وهو قول والتكبير أن يقول بعد التسليم علي رحمهما الله تعالى . وكان وابن مسعود يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وبه أخذ ابن عمر رضي الله عنه وكان الشافعي رضي الله عنه [ ص: 44 ] يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله الحي القيوم يحي ويميت وهو على كل شيء قدير وإنما أخذنا بقول ابن عباس علي رضي الله عنهما لأنه عمل الناس في الأمصار ولأنه يشتمل على التكبير والتهليل والتحميد فهو أجمع وهذا التكبير على الرجال المقيمين من أهل الأمصار في الصلوات المكتوبات في الجماعة عند وابن مسعود رحمه الله وقال أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله تعالى كل من يصلي مكتوبة في هذه الأيام فعليه التكبير مسافرا كان أو مقيما في المصر أو القرية رجلا أو امرأة في الجماعة أو وحده وهو قول ومحمد رحمه الله تعالى لأن هذه التكبيرات في حق غير الحاج بمنزلة التلبية في حق الحاج وفي التلبية لا تراعى هذه الشروط فكذلك في التكبيرات . إبراهيم رضي الله عنه احتج بما روينا { وأبو حنيفة } قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع الخليل رحمهما الله تعالى : التشريق في اللغة التكبير ولا يجوز أن يحمل على صلاة العيد فقد قال في حديث والنضر بن شميل رضي الله عنه : لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع فقد ثبت في الحديث أنه بمنزلة الجمعة في اشتراط المصر فيه فكذلك في اشتراط الذكورة والإقامة والجماعة ولهذا لم يشترط علي رضي الله عنه فيه الحرية كما لا تشترط في صلاة الجمعة أبو حنيفة